كتاب الفرق بين الضاد والظاء فى كتاب الله عز وجل وفى المشهور من الكلام

قَدَّمَتْ يَداهُ (¬1)، أي: ينتظر.
وكذلك تقول العرب: نظرته، بمعنى: انتظرته.
فإذا عدّيته بحرف جرّ لم يكن بمعنى الانتظار، وكان من باب النّظر بالعين والقلب لا غير، كما تقدّم. يقال: نظرت إليه بعيني، قال الشّاعر (¬2):
فلمحت أنظرها فما أبصرتها
يريد: أنظر إليها. وبها سقط قول من زعم من الجهميّة (¬3): أنّ معنى قوله، عزّ وجلّ: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (¬4): منتظرة، إبطالا للرؤية، فخالفوا اللّغة وردّوا سائر الأحاديث.
يقال: نظر فلان ينظر نظرا فهو ناظر، والشّيء منظور إليه، ونظرت إلى هذا الأمر: من نظر القلب.
ومنها: النّظر بمعنى الاستماع، وذلك نحو قوله، عزّ وجلّ: وَقُولُوا انْظُرْنا (¬5)، وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا (¬6)، أي: استمعنا.
يقال: انظر فيّ يا فلان، أي: استمع إليّ. ويقال: نظرت في الكتاب، أي (¬7): إذا قرأته. ونظر الدّهر إلى بني فلان: إذا أهلكهم. ومنه قول الشّاعر (¬8):
نظر الدّهر إليهم فابتهل
¬__________
(¬1) النبأ 40.
(¬2) لم أقف عليه.
(¬3) أتباع جهم بن صفوان. (ينظر: الزينة في الكلمات الإسلامية العربية 3/ 268، والتنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع 93، والفرق بين الفرق 211).
(¬4) القيامة 23.
(¬5) البقرة 104.
(¬6) النساء 46.
(¬7) (أي): ساقطة من المطبوع.
(¬8) لبيد بن ربيعة، ديوانه 197، وصدره: في قروم سادة من قومه.

الصفحة 48