كتاب فقه النوازل (اسم الجزء: 1)

وقال بعض المحققين: المراد بكون عثمان رضي الله عنه جمع الناس
على حرف واحد هي وحدة جنسية لا نوعية، أي لا أنه أخذ حرفاً واحداً
وترك بقية الحروف والله أعلم.
وأما إحراق عثمان رضي الله عنه بقية المصاحف فقد قال الزركشي (1) :
وفي الجملة: إنه أي عثمان رضي الله عنه إمام عدل غير معاند ولا
طاعن في التنزيل، ولم يحرق إلا ما يجب إحراقه، ولهذا لم ينكر عليه أحد
ذلك، بل رضوه وعدوه من مناقبه، حتى قال علي رضي الله عنه: لَوْ وَليت
ما ولى عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل. انتهى.
ومن هذا العرض الموجز لجمع عثمان رضي الله عنه ... يتبين
التصحيح لما عمله عثمان رضي الله عنه، أما الاستدلال به فهو قياس مع
وجود عدة فوارق منها ما يلي:
1- إن هذا الجمع الذي جمعه عثمان رضي الله عنه أجمع الصحابة
رضي الله عنهم عليه فأمضوه، وأما الإلزام برأي أو مذهب معين فعامة
أقوالهم وما وقع لهم من الحوادث والاختلاف فيها تفيد منع ذلك. وسيأتي
بيان طرف من أقوالهم إن شاء الله تعالى في مقام أدلة المنع.
2- إن عامة القراءات الصحيحة التي لم تنسخ لا خلاف في وجوب
العمل بها كالقراءة المعتبرة في المصحف، أما التقنين أو التدوين للأحكام
الملزم بها - فلا يجوز عند من ألزم بها العمل بما عدا هذا القول الملزم
به، والإجماع على خلاف ذلك. قال الخطيب البغدادي (2) :
__________
(1) البرهان في علوم القرآن 1 / 240.
(2) الفقيه والمتفقه 1 / 173.

الصفحة 36