كتاب فقه النوازل (اسم الجزء: 1)

السلام: " عليكم بالسواد الأعظم " (1) وقال: " الشيطان مع الواحد، وهو من
الاثنين أبعد ". ولنا: أن العصمة إنما تثبت للأمة بكليتها وليس هذا إجماع
الجميع، بل هو مختلف فيه، وقد قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} . وقال تعالى:
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} . انتهى.
ويقال أيضاً: هذه مجالس أهل العلم وطلابه ينعقد الاجتماع فيها
لدراسة بعض من مباحث العلم ومطالبه، ثم ينقضي الاجتماع وهم
مختلفون غالباً فكيف يمكن اجتماع طائفة منهم على تدوين مئات
المسائل، بل الالآف منها ويكون الرأي فيها واحداً بالإجماع منهم، وهذا
متعذر بالإجماع في مجمع علمي يحمل ممثلوه الشروط والسمات التي
تؤهلهم لذلك، مبعدين لعامل المجاملة وانطواء الضعيف تحت سلطان
القوي والله المستعان (2) .
خامساً: أما أنه ليس للمانعين دليل يقضي برد الإلزام. فسيأتي إن شاء
__________
(1) هذا الحديث: عليكم بالسواد الأعظم. رواه ابن ماجه من حديث أنس رضي الله
عنه قال سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم
اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم " وفي الزوائد (.. في إسناده: أبو خلف الأعمى
واسمه: حازم بن عطاء، وهو ضعيف. وقد جاء الحديث بطرق في كلها نظر، قاله
شيخنا العراقي في تخريج أحاديث البيضاوي) .
وقد رواه أحمد في مسنده موقوفاً من قول أبي أمامة رضي الله عنه 4 / 278 وموقوفاً
أيضاً من قول عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه 4 / 382.
(2) ووازن بهذا المبحث ما ذكره العلامة محمد سعيد الباني في كتابه (عمدة التحقيق
في التقليد والتلفيق، ص: 44 - 46 فهو مهم) .

الصفحة 42