كتاب فقه النوازل (اسم الجزء: 1)

الله دين الإسلام صالح لكل زمان ومكان وأنه مر على الإسلام عصور
مختلفة وأطوار متباينة، منها عصور تطور واتساع حتى كانت الدولة العباسية
تشمل القارات الثلاث وكانت أبواب الحكومات الفقهية كلها نافذة وأمرها
راشد وهكذا في سائر عصوره وأدواره ومع ذلك فقد تحققت العدالة بتحكيم
الشريعة، وانتشر اليسر وارتفع الحرج والعسر، وفي هذه الأجيال المختلفة
المتعاقبة وأمام تلك الاختلافات والتطورات والزيادة والنقص لا يعرف عن
واحد من الأئمة المعتبرين وجوب إلزام القضاة في أحكامهم بمذهب أو
رأي معين، بل لما أدلى بها بعض الخلفاء العباسيين ولعله من تأثير بعض
الأدباء فامتنع إمام دار الهجرة من الإجابة إليها وحاشاه أن يوقع الناس في
ضيق على حد قولهم، وهو يجد له في الشريعة مدفعاً. وهذا التعليل هو
ما أبداه ابن المقفع فلا يقال إنه احتجاج جديد أو مصلحة تجددت ولن
يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها.
هذا وإن لنا من واقع غيرنا المشاهد دليلاً ونظراً وهو أن البلاد الغربية
التي تسير أحكامها على أساس القانون الوضعي لم ترتفع شقة الخلاف
فيها وهكذا في البلدان التي قننت فيها الأحوال الشخصية وحددت موادها
وأحكامها لم يرتفع ذلك عنها وهذه مجلات المحاماة ودوائر النقض والإبرام
تعاني من ذلك الشيء الكثير. فماذا صنع التقنين. إذاً فما طريق تحقيق
تلك المصلحة لعل في الجواب عن الفقرة الرابعة بعدُ بياناً لهذا.
ب - أما الجواب عن الفقرة (ب) فقد أورد هذا الاعتراض العلامة
شيخنا محمد الأمين رحمه الله تعالى في جوابه على المذكرة الإيضاحية
في ذلك وأجاب عليه وأنا أذكر هنا كلامه بطوله لنفاسته وغزارة مادته، قال
رحمه الله: (فإنا لم نفهم من هذا الكلام شيئاً يشوه سمعة البلاد، لأنا نرى

الصفحة 44