كتاب فقه النوازل (اسم الجزء: 1)

أن المتبادر منه هو الثناء العظيم والمدح البليغ لهذه البلاد، لأنه لا شك
أن مرادهم بالعدل الذي ليس بمضمون فيها هو التحاكم إلى الطاغوت كما
أوضحوا ذلك بقولهم: على نحو ما هو معهود في جميع العالم، لأن
المعهود في جميع العالم لا يخرج حرف واحد منه البتة عن حكم
الطاغوت، وذلك الذي سموه عدلاً ونفوا ضمانه في هذه البلاد الذي هو
التحاكم إلى الطاغوت هو عين الكفر وأعظم أنواع الظلم والجور والحيف.
والحقائق لا تتغير بتغيير العناوين.
والسعودية وكل مسلم قد أمرهم ربهم في كتابه بالكفر بما سماه أولئك
عدلاً لما قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ
يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} . وقد جعل الله تعالى
الكفر به شرطاً في الاستمساك بالعروة الوثقى، قال: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ
وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
ومفهومه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى وهو
كذلك فأي تشويه للسمعة في كون الكفر والجور والحيف الذي عبروا عنه
باسم العدل ليس مضموناً في المحاكم السعودية أعاذها الله من ذلك
العدل، فنفيه عنها في الحقيقة مدح وثناء.
وهو في الواقع حلقة من السلسلة المشهورة عند الأوربيين ومن سار
في ركابهم من الطعن في هذه البلاد بسبب بقائها وحدها معلنة التمسك
بنور السماء، كالرجعية والتأخر والجمود والوحشية وكبت الحرية ونحو ذلك.
ولا شك أن من هذا النوع قول هؤلاء المتحاكمين إلى محاكم باريس
(إن العدل غير مضمون في المحاكم السعودية) ومن المعلوم أنه ليس

الصفحة 45