كتاب فقه النوازل (اسم الجزء: 1)

وقال الأستاذ علاَّل الفاسي، في معرض بيانه أن خوف المسلمين من
انتقاد الأجانب والمثقفين - في تحكيم الشريعة - وهمٌ موروث. قال (1) :
(وهي هزة يجب أن لا نفزع منها، بل يجب أن نعتبرها بمثابة خفقة
القلب التي تحصل لمن يخرج وحده في الظلام أحياناً؛ عبارة عن ضعف
الأعصاب وعدم الإرادة، سرعان ما تزول إذا تذكر الخائف أن الليل والنهار
سيان بالنسبة لحركة الإنسان وسكونه، وأنه ليس هنالك كما يعلم هو يقيناً
طارئ ولا تشكل من الكائنات، إن هي إلا أوهام وخزعبلات، وكما
يشتد عزم ذلك الخائف. فيتحدى أوهامه، كذلك يجب أن يشتد عزم
الذين يضعفون خوف الاتهام بالرجعية، فيعلمون أن ذلك مجرد خزعبلات
موروثة عن الاستعمار ومن إيحاء رجاله) . انتهى.
جـ - أما الفقرة الثالثة التي مفادها عدم بلوغ كثير من القضاة رتبة
الاجتهاد ولو في مذهب إمامه فيقال ليعلم أولاً أن مذهب الجمهور منهم
مالك والشافعي وأحمد والظاهرية وبعض الحنفية هو شرطية توفر الاجتهاد
فيمن يولى للقضاء (2) وذلك بأن يكون عارفاً بالأصول التي ترجع الأحكام
إليها لا أن يكون عالماً حكم كل قضية بعينها. انتهى. ثم أن أهل العلم
قدروا حالة ضعف ذلك مثلاً فقرروا أن ما يشترط في القاضي من الاجتهاد
والعدالة يجب تولية من وجدت فيه دون سواه.
وهكذا يولي الأمثل فالأمثل ومن توفرت فيه الشروط على من دونه ولم
يذكروا اللجوء إلى الإلزام برأي أو مذهب معين لا يجوز تعديه ولو كان
__________
(1) انظر كتابه: دفاع عن الشريعة، ص: 255.
(2) انظر: المغني 11 / 382، والمحلى 9 / 442.

الصفحة 48