كتاب فقه النوازل (اسم الجزء: 1)

فالرد إلى الله: هو الرد إلى كتاب الله سبحانه، والرد إلى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هو الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى على هذه الآية (1) : (والله
سبحانه قد أمر في كتابه عند التنازع بالرد إلى الله والرسول، ولم يأمر عند
التنازع إلى شيء معين أصلاً) . انتهى.
وقال تلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى (2) : (فمنعنا سبحانه من الرد
إلى غيره وغير رسوله، وهذا يبطل التقليد، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ... } .
وقوله: {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} .
ولا وليجة أعظم ممن جعل رجلاً بعينه مختاراً على كلام الله وكلام رسوله
وكلام سائر الأمة - يقدمه على ذلك كله.) انتهى.
وقال البيهقي رحمه الله تعالى في سننه (3) : (باب ما يقضي به القاضي
ويفتي به المفتي فإنه غير جائز له أن يقلد أحداً من أهل دهره، ولا أن
يحكم أو يفتي بالاستحسان) . ثم ساق رحمه الله الآية المتقدمة وقال:
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: فإن تنازعتم في شيء - والله أعلم -
هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم، فردوه إلى الله والرسول؛ يعني والله
أعلم: إلى ما قاله الله والرسول. وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ
سُدًى} وقال الشافعي: فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علموا: أن
__________
(1) كتاب محنة ابن تيمية، ص: 10.
(2) إعلام الموقعين، 2 / 170.
(3) السنن الكبرى، 10 / 113.

الصفحة 58