كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

والأصل البقاء على الحرمة، ولا تنقل إلا بيقين (¬1).
ويجب التعقيم التام لكل ما يستعمل من أدوات طبية.
ومن أهمل ذلك فترتب عليه انتقال مرض كالكبد، أو الإيدز أو غيرها؛ فإنه آثم ضامن لهذه الأضرار بشروطه.
ولا يجوز إسقاط الحمل ولو في بدايته وقبل تخلقه ونفخ الروح فيه؛ لأنه إهلاك للنسل وسماه الله فسادا (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة: 205).
فإن كان خطرا على حياة الأم بقرار أطباء عدول من أهل التخصص فيمكن جوازه، سواء نفخ فيه الروح أم لا، لعموم قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء: 23)، وليس من الإحسان قتل الأم لأجل حياة ولدها الجنين.
وإسقاطه بدون مبرر شرعي معتبر بفتوى من مؤهل إن كان قد نفخ فيه الروح وثبت حياته ففاعله مرتكبٌ لكبيرة، وتلزم الكفارة صيام شهرين متتابعين على الطبيب، وعلى الأم، وعلى الآذن، فإن لم ينفخ فيه الروح حرم وهو من الفساد (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة: 205).
ومن زالت بكارتها بغير فاحشة، بل لوثبة، أو رياضة، أو حادث طريق؛ فللطبيب والجهة المعنية عمل تقرير عن الحادث يفيد ذلك حفظا لعرضها.
وجراحة التجميل إن كانت لعلاج أمر خَلْقِي على خلاف الفطرة العادية؛ فإنه يجوز؛ لأنه علاج للخلقة لا تغيير لها؛ ولأن العلاج جائز وهذا منه.
¬_________
(¬1) - قولنا «والأصل البقاء على الحرمة ولا تنقل إلا بيقين»؛ لأن ثبوت الحياة الإنسانية هي الأصل في الحي، وحرمتها من ضرورات الشرع القطعية، فلا يُحكمُ بناقل عن هذه الأصول القطعية إلا إذا كان قطعيا مثلها، وإلا فلا يصح. ولعلماء العصر هنا كلام كثير وأبحاث مطولة وللأطباء في ذلك كذلك. وقد عقدت مؤتمرات طبية لهذه المسألة، فانظر أبحاث المؤتمر الطبي للموت الدماغي على سبيل المثال. وللدكتور البار بحث في أجهزة الإنعاش، وللسلامي بحث في الإنعاش، وللدكتور محمد علي البار بحث في موت الدماغ، ولوزارة الصحة في المملكة دراسة، وورقة عمل أردنية في المؤتمر العربي الأول للتخدير والإنعاش والمعالجة الحديثة، قدمها أخصائيون ومستشارون، وللعلامة بكر أبو زيد في كتابه «النوازل» بحث في ذلك. وبالجملة فهذه المسألة من المسائل المعاصرة التي أكثر العلماء والباحثون والخبراء الكلام حولها. ومراجعها كثيرة جدا.

الصفحة 100