كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وتعاطي منشطات للجنس مباح إن كان لضعف؛ لأنه من التداوي، والتداوي مباح، فإن تعلق بضعفه تضرر زوجته تداوى وجوبا؛ لأن لها عليه حقا «ولزوجك عليك حقا» (¬1).
والحجامة مستحبة للنصوص فيها، وقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)، وثبت عظيم نفعها بالنقل والتجربة والبحث الطبي الحديث.
وأثر الدم الباقي على الجروح إن تعذر إزالته عفي عنه؛ لأن المشقة تجلب التيسير، وصلاته صحيحة (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78).
ونجاسة الدم قول قديم في المذاهب، ولم أجد له دليلاً صحيحاً صريحاً خالياً عن المعارضة.
والاستدلال بوصفه بالرجس في قوله تعالى (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (الأنعام: 145)، لا يدل على النجاسة بل على الاستخباث؛ لأن ما ذكاه غير مسلم وصف بالرجسية في نفس الموضع، وليس بنجس، ووصف به الميسر والأزلام، ولم يقل أحد أنها نجاسة، ولأن الصحابة كانوا يصلون في جراحاتهم (¬3)، ولعموم النص «إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا» (¬4)، وهذا عام في سائر أجزائه وما يخرج منه إلا البول
¬_________
(¬1) - قولنا «لأن لها عليه حقا» دليله ما أخرجه البخاري برقم 1968 من حديث سلمان «إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فاعط كل ذي حق حقه». وهو عند أحمد برقم 6832 من حديث عبدالله بن عمرو في قصة صيامه النهار وقيامه الليل ونهي النبي صلى الله عليه وسلم له عن ذلك ودلالته على صيام ثلاثة أيام في الشهر وقال له فيه «ولزوجك عليك حظا ولعينك عليك حظا ولجسدك عليك حظا». وهو صحيح.
(¬2) - قولنا «وقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم» الحديث في ذلك أخرجه البخاري برقم 1835، ومسلم 2942 كلاهما عن ابن عباس. وفي الباب أحاديث.
(¬3) - أخرجه البخاري من قول الحسن «ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم» في باب «من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر». قال الحافظ ابن حجر: وقد صح أن عمر صلى وجرحه ينبع دما. الفتح ط/ دار المعرفة (1/ 281).
(¬4) - حديث «المؤمن لا ينجس .. » متفق عليه (البخاري برقم 283، ومسلم 850) ولفظه عند البخاري «عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال «سبحان الله إن المؤمن =

الصفحة 102