كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وإذا كان في الرقية ما لا يفهم من القول فهو شعوذة وهي محرمة.
ويجوز أن يقرأ على ماء ليشربه المريض، أو يغتسل به، وكتب بعض السلف في إناء آيات من القرآن ثم صب عليها ماء وأشربها المريض (¬1)، عملا بعموم الإذن في النص.
ولوصفه سبحانه القرآن أنه شفاء، فيعم المعنوي والمحسوس.
والرقيا من العين والسحر أمر مشروع؛ لورود النصوص بذلك (¬2).
وعمل السحر وتعليمه كفر (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة: 102).
وطلبه وشراؤه محبط للعمل موجب للنار (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ) (البقرة: 102).
ولا يضر إلا بإذن الله (وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) (البقرة: 102).
ومن أدام الحفظ للصلوات، وتحصن بالمأثور صباحا ومساءً لا يضره سحر.
¬_________
= من حديث عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك. وله من حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقي، فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا: يا رسول الله، إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب. قال فعرضوا عليه، فقال: ما أرى بأسا من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. وقد تمسك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها لكن دل حديث عوف أنه مهما كان من الرقي يؤدي إلى الشرك يمنع وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطا).
(¬1) - قولنا «وأشربها المريض» أجاز ذلك سعيد بن المسيب وجماعات من العلماء، انظر «المفهم» للقرطبي، وقد أطال الحافظ ابن حجر الكلام على المسألة وما يتعلق بها في الفتح (10/ 233).
(¬2) - راجع -على سبيل المثال- كتاب الطب والمرضى من صحيح الإمام البخاري. ومسلم في باب «الطب والمرضى والرقى».

الصفحة 104