كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ومن به سلس بول أو بها استحاضة رحم لزمهما التوضؤ لكل صلاة؛ لأمر الشرع بذلك «توضئي لكل صلاة» (¬1).
ونزول شيء بعد الوضوء أو خلال الصلاة لا يضر للدليل «إنها كانت تستحاض وتضع الطست تحتها وهي تصلي» (¬2)، وهذه إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك.
ولأن المشقة تجلب التيسير (¬3)، وإذا ضاق الأمر اتسع (¬4)، (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78)، (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: 185).
و(لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، فهذه النصوص من المعلومات ضرورة، وهي أصل على ما ذكرنا.
ويحرم التداوي بالمحرم؛ للنص «إن الله لم يجعل دواء أمتي فيما حرم عليها» (¬5).
ولأنه لو شرع التداوي بالمحرمات لدخل الخلل في التكليف بالحرمة؛ لعدم إمكان ضبط ذلك فيعود على الأصول بالإبطال، وهذا باطل فمُنِع.
¬_________
(¬1) - أخرجه الإمام البخاري برقم 228 من حديث فاطمة بنت أبي حبيش.
(¬2) - حديث «أنها كانت تستحاض وتضع الطست .. » أخرجه البخاري برقم 310 عن عائشة قالت «اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي». وفي الرواية الأخرى وهي مستحاضة ترى الدم.
(¬3) - قولنا «ولأن المشقة تجلب التيسير» هذه إحدى القواعد المجمع عليها، والأدلة عليها من النصوص عديدة كقوله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78). انظر الأشباه والنظائر للسيوطي صـ 35. وقواعد ابن نجيم الحنفي صـ 75.
(¬4) - قولنا «وإذا ضاق الأمر اتسع» هذه من عبارات الشافعي الرشيقة وهي في معنى قاعدة «المشقة تجلب التيسير». انظر القواعد للسبكي ط/ دار الكتب العلمية (1/ 59).
(¬5) - قولنا للنص «إن الله لم يجعل .. » قلت: فيه ما أخرجه أحمد برقم 157 في جزء الأشربة ط/ مكتبة التراث -القاهرة. عن حسان بن مخارق، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وقد نبذت نبيذا في جر قال: فسمع النبيذ يهدر فقال لها: «ما هذا؟ » قالت: فلانة اشتكت بطنها فنعت لها هذا، فدفعه برجله فكسره ثم قال «إن الله عزوجل لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء». قلت: سند هذا الحديث حسن من هذه الطريق. وأخرجه من نفس الطريق إسحاق في مسنده برقم 1912، ط/ مكتبة الإيمان -المدينة المنورة، وقد صح موقوفا عن ابن مسعود، ذكره البخاري معلقا في باب حديث رقم 5614.

الصفحة 106