كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وجمعا بين النصوص؛ لأنه أولى من دعوى النسخ مع إمكان نوع من الجمع.
ويتوضأ المريض للصلاة ويغتسل للجنابة فإن لم يستطع تيمم (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) (النساء: 43).
فإن لم يستطع التيمم صلى على حاله للعموم القطعي (لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (الأنعام: 152)، وهو أصل قطعي معلوم ضرورة من دين الله.
ويصلي قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب للنص في ذلك (¬1).
ويستقبل القبلة، فإن لم يستطع سقط التكليف القطعي الخاص (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ) (البقرة: 144) وقطع بالآخر (وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 115) لعموم الأصل القطعي (لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (الأنعام: 152).
فإذا عجز عن أداء الصلاة لشدة مرض قضاها حال استطاعته لعموم «دين الله أحق أن يقضى» (¬2).
ولقضائه صلى الله عليه وسلم وصحابته الظهر والعصر والمغرب في وقت العشاء لما اشتد عليهم الحصار في الخندق (¬3).
فدل على عدم سقوطها عند العجز عنها أداءً لمانع.
¬_________
(¬1) - قولنا «فإن لم يستطع فعلى جنب .. » دليله حديث البخاري برقم 1117 عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال كانت بي بواسير فسألت النبي عن الصلاة. فقال «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب».
(¬2) - حديث «فدين الله أحق أن يقضى» متفق عليه، أخرجه البخاري برقم 1953، ومسلم برقم 2749، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى.
(¬3) - قولنا «لما اشتد عليه الحصار في الخندق» الحديث في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه (البخاري برقم 4111، ومسلم برقم 1457) واللفظ له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا». ثم صلاها بين العشاءين بين المغرب والعشاء.

الصفحة 109