كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ذلك في حرب وسلم ومرض وصحة وسفر وحضر ونسيان ونوم وانعدام ماء أو تراب أو كليهما، وانعدام ستر للعورة، وتعذر معرفة القبلة، أو تعذر تطهير ثوب ومكان وبدن من نجس، أو قذر، أو رفع جنابة.
أو عند تعذر معرفة الأوقات، ويقدر لذلك قدره في أي زمان ومكان، ولو تخلف الزمن واضطرب فصار اليوم كسنة، أو السنة كيوم كما في حديث الدجال، فيقدر لذلك قدره بالنص (¬1).
فعموم التكليف وبقاؤه أداء أو قضاء قطعي، ومن ادعى استثناء أحد غير منصوص عليه قطعا فقد تعمد رفع التكليف القطعي بموهومات، ولا تسقط العبادة في دين الله أداء وقضاء إلا الصلاة على حائض ونفساء، وعن المجنون يسقط كل تعبد؛ لانحراف تعقله الحقائق؛ لخلل عقله وهو مناط التكليف.
أو صوم على مريض دام مرضه، وانعدمت استطاعته إلى الوفاة فلا عبادة عليه لا أداء ولا قضاء.
فإن صح قضى الصوم بالنص، وقضى الصلاة على الأصل (¬2)، وعموم النص وخصوصه (¬3)، ولو كثرت قضى ما بوسعه؛ لأن التكليف على الوسع بالنص (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: 286).
وتعريف الجنون: هو اضطراب التعقل واختلال العقل للداء، فهو مرض.
وقلنا «اضطراب التعقل» لا ذهابه ولا غيابه كما قلنا في النوم والإغماء؛ لأنه يعقل الأمور
¬_________
(¬1) - قولنا «فيقدر لذلك قدره بالنص» أخرجه مسلم برقم 7560 من حديث نواس بن سمعان في حديث الدجال الطويل والشاهد منه قوله: قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال «أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم». قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال «لا اقدروا له قدره».
(¬2) - قولنا «على الأصل»؛ لأن الأصل بقاء التكليف ورفعه محتاج للدليل.
(¬3) - قولنا «وعموم النص وخصوصه»، أما عمومه «فدين الله أحق أن يقضى»، وأما خصوصه فهو قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق، وقضاؤه عندما نام مع أصحابه في الوادي، وحديث «فليصلها إذا ذكرها» وكلها صحيحة خرجناها في كتابنا هذا، ولله الحمد.

الصفحة 113