كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

فقه الدعوة
الدعوة إلى الله تعالى هي: تبليغ مضمون الرسالة في أركانها الأربعة التي جمعت في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (الجمعة: 2).
وهي أمر للرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف: 108).
وهي أفضل الأعمال (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت: 33).
وهي تفرغاً فرض كفاية (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران: 104).
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة: 122).
والواجب فيها الحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالأحسن، للنص (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125).
ويجب فيها التبشير لا التنفير فهو إثم للنص: «بشرا ولا تنفرا وتطاوعا» (¬1)، والبدء بالتدرج من أكبر الفرائض فما دونها بدليل حديث معاذ لما أرسله إلى اليمن (¬2).
والأصل أن لا يأخذ على الدعوة أجرة (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) (الأنعام: 90).
¬_________
(¬1) - حديث «بشرا ولا تنفرا» متفق عليه (البخاري رقم 3038، ومسلم رقم 4623) من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا».
(¬2) - حديث معاذ أخرجه الإمام البخاري برقم 1496 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب».

الصفحة 122