كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ويبدأ بنفسه وولده وأهله الأقربين وسائر الناس (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214)، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) (طه: 132)، ولا تعارض بين هذه المراتب.
ويجب قصد وجه الله لا عرض الدنيا (إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ) (يونس: 72).
وأصلها قائم على تعبيد الخلق لله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56).
وليعالج ما عليه العمل، ويبدأ بالأصول القاطعة؛ لأن عليها مدار النجاة (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) (النساء: 31).
ولا يُثِر الخلاف المُفَرِّق؛ لأنه مذموم (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (آل عمران: 105).
ولا يدع إلى اتباع مذهب عصبية بل إلى الكتاب والسنة.
واتباع مذهب جائز؛ لعموم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: 7)، وفقهاء المذاهب من أهل الذكر ومن ألزم نفسه بمتابعة قول مذهب في كل فتوى جاز؛ لإطلاق النص، ولأنه إن فعل ذلك فقد أدى التكليف، ولا يحرم عليه الانتقال، أو سؤال آخر من غير المذهب، أو تقليده؛ لعموم الدليل في سؤال أهل الذكر، ومن ادعى الحرمة احتاج إلى الدليل.
ولا يتعصب لقوله المحتمل؛ لأن الله علق النجاة على القواطع (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) (النساء: 31)، فدل على أن غيرها معفوٌّ عنه، فالتعصب لما سبيله العفو خلاف مقصود الشرع.
ولا يتعصب ويغضب إلا لقاطع، أو قريب منه.
وليهتم بما عليه النجاة من قطعيات الشريعة، فإن عليها مدار الدين، وفيها يُقَصِّر الخلق ودونها يغفره الله إن اجتنبت، للنص السابق.
ومن أخذ بقول مجتهد، فلا يحرج عليه بالإنكار، إلا لبين الخطأ من مخالفة نص لم يطلع عليه ذاك.
ولا يُجرِّح لقوله تعالى (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) (الإسراء: 53)؛ ولأن دعوة الرسول لم تكن على هذا.

الصفحة 123