كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ولا يمدنَّ عينيه إلى المتاع الزائل؛ لأنه قد أوتي أعظم من ذلك (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ* لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: 87 - 88).
ولا يكثر من ذكر الدنيا والتجارات والعمارات والعقار، فإنه مرض في القلب وهم فارغ وخروج عن سنن حملة الرسالات (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (التوبة: 55).
وعليه النظر إلى حال دين الناس، ومطالعة سير السلف أهل الصراط المستقيم في عباداتهم ودعوتهم لقوله تعالى (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) (الفاتحة: 6 - 7)، وطلب صراطهم طلب لمعرفة هديهم وسيرهم.
ويجوز الانتماء إلى جماعة على الكتاب والسنة (¬1)؛ لأنه تعاون على البر والتقوى ولأن الحرمة لا تكون إلا بدليل وإلا فهو وصف محرم (وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) (النحل: 116).
ويجوز التعاهد معهم على العمل على الشريعة (¬2)، وقد تعاهد بعض الصحابة على أمور في الطاعات كالموت في سبيل الله (¬3).
فإن انتظم معهم فعليه الطاعة لأمرائه في طاعة الله فيما يخص مصلحة الدعوة؛ لعموم (وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ) (النساء: 83).
وليست بيعة ولاية عامة، بل يمين على أمر خاص في الطاعة، والوفاء بها واجب (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) (البقرة: 177)، (وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) (النحل: 91).
فمن لم يستطع القيام بما التزم به جاز له التحلل منهم، والتكفير عن يمنيه بخلاف البيعة العامة السياسية، فإنه لا تحلل منها، ولا كفارة لها.
¬_________
(¬1) - وقد بسطت القول في المسألة في كتابنا «مشروعية العمل الإسلامي وتعدده والانتماء إليه» رسالة ماجستير أجيزت بامتياز.
(¬2) - المصدر السابق.
(¬3) - المصدر نفسه.

الصفحة 126