كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وقياسه على حضور عيد وجماعة مسجد لا يصح لفقدان شرط تساوي الفرع والأصل، ويصح القياس على العيد وجماعة المسجد في حضور المرأة الجمع العام الظاهر لعدم تأثيره على حفظ العرض بالإبطال والإخلال (¬1).
¬_________
(¬1) - ولا يصح القياس على عيد وجمعة وجماعة لتجويز اختلاط الجنسين في الفصل الدراسي للفوارق الكثيرة الواضحة بين أصل مقيس عليه وفرع يراد قياسه، إذ العيد مرتان وحضوره اختياري، والجمعة والجماعة اختيارية للمرأة، والتزام الرجال عدم الانصراف حتى يتم انصرافهن، وجعل باب لهن، وعدم إمكان محادثتهما، وبعدهما عن التوصل إلى الفتنة، بخلاف فصل دراسي مختلط بين الجنسين، فطول وقت مع استمرار يعادل ربع العمر وحصول مشاركة الطالبات الدائم أمام الطلبة وتبادل للأحاديث والرسائل واللقاء في الاستراحات وأماكن الترفه، والطابور وحركاته، وغير ذلك من الفوارق التي تعود على أصل قصد الشرع حفظ الأعراض بالإبطال.
وحديث «لا يدخلن بعد يومي هذا رجل على مغيبة إلا ومعه الرجل والرجلان» هو للضرورة ضرورةً؛ لعدم القول بجواز دخول جماعة رجال أجانب على من شاءوا من نساء أصدقائهم للترفه وتبادل الحكايات والأقاويل؛ لأنه أولى بالتحريم من الخضوع بالقول، وضرب الرجل في التوصل إلى طمع من في قلبه مرض (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (الأحزاب: 32).
ولحديث: فأمرها أن تعتد فى بيت أم شريك ثم قال «تلك امرأة يغشاها أصحابى اعتدى عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني». رواه مسلم 3770. وفي رواية أخرى برقم 3773 وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك ثم أرسل إليها «أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك».

فنهاها وهي شابة عن مجرد القعود في بيت يغشاها الرجال للطعام حتى لا يرى منها ما تكره، والمرأة التي يغشاها الصحابة للطعام كانت من القواعد، ويجوز لها وضع ثيابها أي الجلباب بالنص، ولو كانت شابة لنقض الحديث بعضه بعضا، ومع ذلك لا يلزم أنها تخدمهم بنفسها لعدم ورود ذلك، ولأنها غنية لها من يقوم على ذلك.
وأما حديث الصحيحين «إنها خادمتهم وهي العروس» فلا يلزم اختلاطها بهم، إذ معناه أنها خدمتهم، فصنعت لهم الطعام وأمور الضيافة الأخرى مع كونها عروسا، ولا يلزم خروجها عليهم بنفسها. وهذا ما جاء في رواية الحديث في الصحيحين (خ 5176، م 5351) «عن سهل بن سعد قال: دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه وكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس. قال سهل: تدرون ما سقت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنقعت له تمرات من الليل فلما أكل سقته إياه».

الصفحة 129