كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وإغاثة مضطر كغريق أو مصاب في حادث سير، أو هدم، أو حرق، أو كارثة ونحو ذلك؛ لعموم (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (الممتحنة: 8)، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل لأبي سفيان في نازلة الجوع.
وحفْظُ أماناتهم؛ لعموم الأدلة وعدم التخصيص؛ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر علياً برد الأمانات.
وتبادل الخبرات والدراسات والبحوث؛ لأنها معارف إنسانية عامة مشتركة لا تختص بدين لعموم (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) (البقرة: 29).
ويجوز معهم البيع والشراء؛ لعموم (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة: 275) ولتعامل المسلمين مع المشركين أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرهم، وكذا يجوز معهم الشركات، والمضاربات، والإجارات.
ولمقيم المشاركة في انتخاب من في ولايته مصلحة شرعية للمسلمين عموما أو خصوصا، كالجاليات.
ويجوز الاستدانة منهم بلا ربا وإلا حرم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودي في دَين (¬1)، ويجوز وضع المال في بنوكهم لمضطر وما خرج من ربا صرف في مصلحة عامة.
ويحل الزواج بكتابيةٍ، وأكل طعامهم إلا الخمر والخنزير؛ للنص (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) (المائدة: 5).
ومن كان أجيرا في محل، أو شركة، أو مطعم، أو فندق في بلادهم وفيه محرم قطعي، كالخمر والخنزير، وهو يبيعه، أو يقدمه؛ حرم.
وينتقل إلى غيره؛ فإن لم يجد عملا إلا بفعل المحرم هاجر إلى بلد ليس فيه ذلك؛ لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا) (النساء: 97).
¬_________
(¬1) - أخرجه البخاري برقم 2096 عن عائشة رضي الله عنها قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما بنسيئة ورهنه درعه.

الصفحة 137