كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

فإن كان مُحْصَرا وتعذر انتقاله، ولا حيلة له شمله الاستثناء في قوله تعالى (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) (النساء: 98).
والمساهمة في شركات مشتملة على محرم قطعي كخمر وخنزير لا يجوز.
إلا إن كانت قطاعات متعددة؛ فيجوز فيما ليس فيه ذلك.
ومن أسلم منهم وتحته كتابية استدام؛ لأنها تحل له ابتداء بالنص (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة: 5)، أو وثنية انتظرها في العدة، فإن أسلمت وإلا فارق، ويحتمل جواز الدوام؛ لحديث زينب (¬1).
وآية الممتحنة لصورة الهاربة إلى الكفار أو منهم.
ومن أسلمت وهي تحت كتابي أو غيره جاز دوام العقد سنين بلا مس؛ لحديث زينب، ويحتمل جواز المس في الصورتين؛ على الأصل ولعدم المانع لكل من أسلمت أو أسلم، والزيادة في حديث زينب «ولا يخلص إليك» ضعيفة ومخالِفَة لرواية الأثبات، والضعيف إن خالف الثقات فروايته منكَرَة، وعلى تسليم صحتها فيعلل على مسألة الهاربة من الكفار أو الباقية عندهم
¬_________
(¬1) - قولنا «لحديث زينب» قلت: أخرجه أبو داود برقم 2242 عن ابن عباس قال رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاصى بالنكاح الأول لم يحدث شيئا. قال محمد بن عمرو في حديثه بعد ست سنين وقال الحسن بن على بعد سنتين. قلت: هذا حديث حسن. أما حديث أنه ردها بنكاح جديد فهو عند أحمد من طريق حجاج بن أرطأة وهو ضعيف خاصة إذا خالف. قال أحمد برقم 6938: قال هذا حديث ضعيف أو قال واه ولم يسمعه الحجاج من عمرو بن شعيب إنما سمعه من محمد بن عبيد الله العرزمي والعرزمي لا يساوي حديثه شيئا والحديث الصحيح هو الذي روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على النكاح الأول.

قلت: وأما زيادة «ولا يخلص إليك» فإنها من غير طريق الثقات، أخرجها الحاكم في المستدرك برقم 5038 بسند ضعيف فيه أحمد بن عبدالجبار العطاردي ومن طريق ابن إسحاق وقد عنعن، وهذه علة أخرى عند من يجعلها علة، ولفظه: عن عائشة رضي الله عنها قال: صرخت زينب رضي الله عنها: أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته أقبل على الناس فقال: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا: نعم قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على ابنته زينب فقال: أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له.

الصفحة 138