كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

فقه الدولة
قال المؤلف عفا الله عنه ووفقه: حفظ الجماعة العامة هو المقصد السادس للشريعة (¬1)، وبها تحفظ بقية المقاصد، ومنها تنبثق الدولة، ونعني بالجماعة الشعب ودولته والمجتمع والأمة.
ومصدر التشريع هو الشريعة الإسلامية.
وما قعدته الجماعة المستنبطة من خلاله هو القانون في المعنى الأعم. وتكييفه في المعنى الأخص هو: ما اتفقت عليه الجماعة المخولة المؤهلة من أهل الاستنباط في الشرع من قواعد مقننة مصوغة بقاعدية أو ضبط أو مادة تنص على أحكام الوقائع بالاستنباط من أحكام الشرع بما يحفظ الضروريات الست والحاجيات والتحسينيات.
فالضروريات كل ما لا يمكن بدونه عيش، وهي: الدين والنفس والعرض والمال والعقل، وزدت: الجماعة العامة.
والحاجيات: كل ما لا تعيش بدونه الجماعة إلا بضيق وحرج كالتملك.
والتحسينات: ما يدخل في السعة والإكرام والإحسان والمحاسن والترفه.
ويصوغه فقيه بالشرع خبير باللسان والواقع نيابة عن الجماعة الكلية المخولِة له بوضع ذلك ويستعان بمن يحتاج إليهم من الخبراء في التقنين والسياسة وغيرهم، ثم تقره هي بالإنابة عن الجماعة الكبرى الممثلة في الشعب، أو تعرضه عليه في ما لا يقطع بإمضائه إلا برضى الشعب المباشر كالدساتير والقرارات الكبرى.
والجماعة المستنبطة واجبٌ الرد إليها، وواجبٌ تحديد شكلها، وآليات اختيارها إن لم يتم إلا بذلك (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ
¬_________
(¬1) - قولنا «المقصد السادس للشريعة»: هو اجتهاد جديد عن بحث وبذل وسع في ذلك خلال تدريسنا لمادة المقاصد في الجامعة والدروس العامة من كتاب الموافقات للشاطبي، لأكثر من عشر سنوات وقد باحثت فيه كبار العلماء في اليمن وغيرها فلما وجدت القبول وتصويب ذلك منهم نشرته في مقالات فكثرت إليَّ المراسلة في تصويب ذلك وتأكيده، ثم عرضته على الإمام القرضاوي فوافقني عليه، وكنا قد أفردنا في كتابنا هذا بابا مستقلا لذلك هو «فقه المقصد السادس للشريعة: حفظ الجماعة العامة» ثم رأينا حذفه حتى لا يطول الكتاب.

الصفحة 146