كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وهي ملزمة وإلا كانت عبثا وفتحت باب الاستبداد عن الجماعة والمطامع والأثرة، وهذه مفاسد عامة لا تدرأ إلا بإلزام الشورى، فوجبت.
ويرجح بالأكثرية كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد (¬1).
وكل ما لا يتم النظام العام إلا به فهو واجب.
وكل ما يخل بالنظام العام القائم على مصلحة الأمة، فهو مفسدة يجب دفعها.
ويجوز وضع دستور يتفق عليه الجماعة يكون أساس عقد الولاية، وقد يجب إن لم يتم دفع المفاسد إلا به ولا استتباب الأمور إلا بوضعه.
ويصوغ الدستور لجنة مختصة يتفق عليها فيها العلماء وخبراء التقنين الدستوري وممن يحتاج إليه من الساسة والاقتصاديين والخبراء.
وفرض أن يكون الدستور نابعا من الشرع، وفرض أن ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعا وأنها المصدر الوحيد للتشريع في سائر دساتير البلاد العربية والإسلامية.
هذا هو الأصل إلا عند العجز.
وجعلها مصدرا رئيسيا، أو أحد المصادر مع القدرة، أمرٌ مخالف لقواطع النصوص ورودا ودلالة، كقوله تعالى (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (المائدة: 49)، ولقوله تعالى (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: 65).
ووجود أقليات من مواطني الدولة المسلمة على غير دينها لا يسوغ العدول عن تفرد الشريعة بمصدر التشريع؛ لأنها في نصوصها جعلت لهم حرية التحاكم إلى شريعة الإسلام، أو إلى ما عندهم من الكتاب.
وينص على أن دين الدولة الإسلام، ولغتها العربية.
ويبين نوع نظام الحكم؛ لأن هذه الأمور سياديةٌ شرعيةٌ ووطنيةٌ تدفع كبار المفاسد والفتن الناجمة عن ترك النص عليها أو تأويلها إن لم تكن صريحة.
¬_________
(¬1) - قولنا «ويرجح بالأكثرية .. » بسطنا ذلك في كتابنا الترجيح بالكثرة وأمر الأمير -رسالة دكتوراة بامتياز.

الصفحة 150