كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

فلا ولاية لكافر، ولا لمن لا يقيم الشرع، ولا لصبي، ولا مجنون، ولا سفيه، ولا فاسق، ولا ضعيف، ولا خائن، ولا غاصب.
فإن طرأ وضع من هذه الأوضاع، واستتبت الأمور والمصالح، جاز للأمة ذلك كوضع استثنائي على خلاف الأصل، إلا الكافر فيجب خلعه ولو بالجهاد المسلح لحديث «ألا نقاتلهم؟ قال: لا، إلا أن تروا كفرا بواحا» (¬1) ولقوله تعالى (وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ) (الأحزاب: 48)، وولايتهم طاعة لهم.
وللنهي عن موالاتهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء) (الممتحنة: 1)، وولايتهم العامة على المسلمين أعظم من مجرد موالاة شعورية قد يستتبعها فعل.
ولقوله (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء: 141)، وولايتهم أعظم سبيل، فحرم.
ولأن التمكين هو للمؤمنين (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) (النور: 55)، وتولية غيرهم عليهم مضادة لمقصود الشرع المنصوص في التمكين للمؤمنين.
ولأن ولاية المؤمنين لها أعمال سيادية دينية، ومالية، وإصلاحية (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج: 40 - 41). وهذه الأعمال السيادية الكبرى لا تتوافق مع ولاية غير المسلم.
ولأن الدول غير المسلمة تجعل شرط الدين والمواطنة شرطا سياديا للولاء الوطني والديني للشعب.
وهذا الولاء هو مما بيّنه الله في النص (وَالَّذينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (الأنفال: 73).
ففرض على المؤمنين أن يكونوا أولياء بعض؛ لأن الكافرين كذلك.
وشرط الدين للولاية هو أكبر مظاهر الولاء للمؤمنين، فإن لم يفعلوا فولوا غير مسلم
¬_________
(¬1) - أخرجه البخاري، وقد تقدم.

الصفحة 152