كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وقال يوسف (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ) (يوسف: 55).
أما حديث «إنا لا نولي هذا الأمر من سأله ولا من حرص عليه» (¬1)، فهو في طلب هَلُوعٍ ظاهرٍ لولاية جباية المال خاصة، ولذلك لما سأله غيره لم يعلل له بذلك بل بالضعف «إنك ضعيف» (¬2).
ولو كانت مذمومة لآثر علي وعثمان أحدهما الآخر بها (¬3).
¬_________
(¬1) - حديث «إنا لا نولي .. » أخرجه البخاري برقم 7149 من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي. فقال أحد الرجلين: أمرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله. فقال: إنا لا نولي هذا من سأله، ولا من حرص عليه.
(¬2) - حديث «إنك ضعيف» أخرجه مسلم برقم 4823 من حديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال «يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها».
(¬3) - قولنا «لآثر علي وعثمان .. » هذه القصة واردة في حديث طويل أخرجه البخاري برقم 3700 ومسلم بأخصر منه برقم 1286، ولكثرة فوائده السياسية نورده بتمامه هنا بلفظ البخاري عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبير فضل. قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق. قال: قالا لا، فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا. قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبدالله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني، أو أكلني- الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا، ولا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وتناول عمر يد عبدالرحمن بن عوف فقدمه.

فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبدالرحمن صلاة خفيفة. فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني. فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة. قال: الصنع. قال: نعم. قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان (العباس) أكثرهم رقيقا. فقال: إن شئت فعلت. أي إن شئت قتلنا. قال: كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا بأس وقائل يقول =

الصفحة 156