كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وكان الصلح باستقالته عن الحكم وهو خليفة شرعي مبايع تقديما لمصلحة حقن الدماء وجمع كلمة الأمة.
ولا حكم لأسرة كحق إلهي، بل يتعامل معه كوضع رضيته الأمة.
وحديث الأئمة من قريش (¬1) يعالج وضعا واقعا، ولا يؤصل أصلا عاما للأمة.
وهو إخبار لا أمر؛ يدل له أن الصحابة لم تستدل به في قضية السقيفة مع الحاجة إليه (¬2)؛ فدل على إنه إخبار لا يراد به الأمر، ولو كان أمرا لكان بقيته كذلك وهو «والأذان في الحبشة والشرعة في أهل اليمن» (¬3).
¬_________
= استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها فقال له معاوية، وكان والله خير الرجلين -أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس عبدالرحمن بن سمرة وعبدالله بن عامر بن كريز فقال اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له فطلبا إليه فقال لهما الحسن بن علي إنا بنو عبدالمطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن لك به فما سألهما شيئا إلا قالا نحن لك به فصالحه فقال الحسن، ولقد سمعت أبا بكرة يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
(¬1) - تقدم نص الحديث وتخريجه.
(¬2) - قولنا «في قضية السقيفة» وذلك أنهم لم يستدلوا على الأنصار بتقديم أبي بكر بهذا الحديث، ولو كان يقصد به الأمر لاستدلوا به، بل اتفقوا في السقيفة على بيعة أبي بكر رضي الله عنه وفي القضية قصة، وقد أخرجها البخاري برقم 3667 من حديث عائشة رضي الله عنها.
(¬3) - حديث «الأذان في الحبشة .. » أخرجه الإمام أحمد برقم 8746 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة والشرعة في اليمن. وقال زيد مرة يحفظه والأمانة في الأزد. قلت: هذا إسناد حسن، وقد أعلّه الترمذي بالوقف إذ خالف عبدالرحمن بن مهدي زيد بن الحُباب عن معاوية بن صالح فوقفه عبدالرحمن ورفعه زيد بن الحُباب. قلت: لكن زيد بن الحباب تابعه أبو الربيع الزهراني وهو حافظ كما قال الذهبي وهو من رجال الشيخين والمتابعة أخرجها الطبراني في مسند الشاميين برقم 1909، ط/ مؤسسة الرسالة -بيروت. وقد صحح الحديث الألباني ولم يُعلّه بالوقف، بل قال: هي زيادة يجب قبولها كما تقرر في المصطلح. ولم يتنبه لهذه المتابعة القوية التي ترجح تصحيح الحديث.

الصفحة 159