كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

فهذا في الأنصار، فكيف بغيرهم؟ وفي بعض العطايا فكيف بالولاية؟
فإن كانت الولاية للقريب المؤهل لا تؤدي إلى مفاسد عامة كونه باختيار، أو انتخابات حرة ونزيهة، أو ترشيح شعبي راض ونحو هذا، فلا مانع منه حينئذ.
ولا يستدل بقول موسى (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي) (طه: 29)، لأن المقصود النبوة.
وإرث سليمان لداوود (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) (النمل: 16)، هو الملك بالنبوة لا بالبنوة، وهو اصطفاء خاص؛ لأن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء فإذا ذهب نبي خلفه نبي (¬1).
وفي النص قال صلى الله عليه وسلم «إنا معشر الأنبياء لا نورث» (¬2)،
أي بالنسب.
¬_________
= الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما كان حديث بلغني عنكم. قال له فقهاؤهم أما ذوو آرائنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني أعطي رجالا حديث عهدهم بكفر أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به. قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. فقال لهم: إنكم سترون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحوض. قال أنس: فلم نصبر.
(¬1) - قولنا «لأن بني إسرائيل .. » دليله الحديث المتفق عليه (البخاري برقم 3455، ومسلم برقم 4879) واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم.
(¬2) - حديث «إنا معشر الأنبياء لا نورث» أخرجه مالك في الموطأ برقم 1802، وأخرجه الشيخان في مواضع متعددة منها برقم 3093 عند البخاري ومسلم برقم 4676، أن مالك بن أوس قال: أرسل إليّ عمر بن الخطاب، فجئته حين تعالى النهار -قال- فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من أدم. فقال لي: يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم -قال- قلت لو أمرت بهذا غيري قال: خذه يا مال. قال: فجاء يرفا، فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبدالرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ فقال عمر: نعم. فأذن لهم فدخلوا ثم جاء. فقال: هل لك في عباس وعلي؟ قال: نعم. فأذن لهما، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن. فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم. فقال مالك بن أوس يخيل إلى أنهم قد كانوا قدموهم لذلك- فقال عمر: اتئدا، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا نورث، ما تركنا صدقة». قالوا: نعم. ثم أقبل على العباس وعلي فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا نورث، ما تركنا صدقة». قالوا: نعم. فقال عمر: إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره، =

الصفحة 162