كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

علماء العصر وجمهوره؛ ولأنها أمانة والله يأمر بأدائها لأهلها، وتوسيد الأمر لغير أهله من تضييع الأمانة بالنص (¬1).
ويجب في تعيين لجنة الانتخابات بفروعها اختيار العدل الأمين الكفء لهذه المهمة؛ لأنها من أعظم الأمانات ووسيلة إلى أعظمها، وهي الرئاسة العامة أو النيابية.
وهذا المقصد هو ما أدى إلى اختيار عمر بن الخطاب ستةً وصفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض (¬2).
وهو غاية في أمانة الاختيار؛ لأن أكبر أمر الأمة العام منوط ومعلق بهم.
فإن غشوا الشعب كانوا على أعظم الذنوب والظلم، وإن نصحوا فهم على أعظم العمل عند الله.
ولا يجوز لأعضاء اللجنة العليا ولا فروعها التعاون على تمرير المخالفات المؤثرة على نزاهة الانتخابات، ولا التزوير للنتائج، ولا إلغاء كرت لا يستحق الإلغاء، فإن هذا من الظلم والعدوان المحرم شرعا، وهو من التعاون على الإثم والعدوان، بل هو من أكبر أنواع ذلك؛ لأن أثره متعد إلى عامة الشعب.
وفرضٌ عليهم القيام بالقسط والعدل، وإقامة الشهادة ولو كانت ضد أهواء نفوسهم وأحزابهم، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) (النساء: 135).
وقال تعالى (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ) (المائدة: 8).
وما يترتب من بلاء ومفاسد ومظالم على الشعب نتيجة لتزوير إرادته في اختيار حكامه، لكل امرئ من اللجان الانتخابية المعاونة على تزوير إرادة الشعب أوزارٌ وآثامٌ، كل بقدر ما اكتسب وظلم.
وما ترتب عليه من آثار ومفاسد (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) (يس: 12).
¬_________
(¬1) - تقدم الحديث وتخريجه.
(¬2) - تقدم تخريجه في حديث طويل.

الصفحة 164