كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

والذي تولى كبره منهم كالنافذين الآمرين أشد وأعظم عند الله.
فالواجب شرعا عليهم الاستقلالية التامة، والنصيحة للناس؛ لأن الدين النصيحة والشهادة بالعدل على النتائج لمن كان من المرشحين.
والواجب في الانتخابات الأخذ بآلية عادلة لا يترتب عليها حيف، سواء كان نظام الدائرة المستقلة أو الدائرة النسبية.
ويجوز الأخذ بتجارب الدول الأخرى ولو كانت كافرة؛ لأن هذه الآليات من المعارف الإنسانية المشتركة التي يحق الاستفادة منها حيثما كانت، ولذلك أخذ رسول الله بالخندق والختم.
والأول وسيلة حربية استفيدت من المجوس، والآخر هو ختم المكَتَّبات الرسمية عرف رسمي دولي مأخوذ من غير المسلمين، واعتمده صلى الله عليه وسلم واتخذ خاتما لذلك كما ورد في الصحاح.
ويجب شرعا تصحيح جداول أسماء الناخبين في كل دورة لحذف من لحقه الموت وإضافة من بلغ السن القانونية المتفق عليها للتصويت؛ دفعا للغش والتزوير وما يترتب عليها من مفاسد.
وتحديد سن قانوني معين للانتخابات تصويتا وترشحا كثماني عشرة سنة مثلا؛ لا مانع منه في الشرع.
فإن الله شرط لدفع مال اليتيم إليه شرطين الأول: بلوغه، والثاني زيادة عليه وهو الرشد (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) (النساء: 6).
فإذ كان هذا من أجل فرد في ماله الخاص، فمثله أو أولى لأجل عامة الناس لأموالهم ومصالحهم العامة أن يشترط سن قانوني يغلب عليه فيه رجاحة الرأي واتخاذ القرار لمثل الاختيار والترشيح.
وتتكون اللجنة العليا للانتخابات وفروعها من جهة محايدة؛ لأن الجهة المحايدةمتلقاة بالقبول من الأطراف، ولأنه أدفع للريبة والمفاسد، وما كان كذلك فهو مطلوب شرعا، فإن لم يكن كذلك وتوافقت القوى السياسية على تقاسم التمثيل في اللجنة العليا وفروعها فجائز.

الصفحة 165