كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

والأصل حينئذ أن توزيع اللجنة العليا للانتخابات، واللجان الفرعية عنها يكون محاصصة بالتساوي بين جميع أطراف العملية الانتخابية من سلطة ومعارضة ومستقلين؛ لأن هذا موافق لمقصد إنشائها وهو التنظيم، والرقابة، والشهادة على الانتخابات، ولا يجعل لحزب الأغلبية الحصة الكبرى فيها؛ لأنه لا معنى له في المقصود هنا سوى أغلبية تتخذ قراراتها لصالح حزبها.
ولأنهم عدول محكمون، وشهداء، واختيار العدول المحكمين يكون بتساوي الحصص بين أطراف التحكيم؛ طلبا للعدل، والإحسان المأمور به شرعا (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ) (النحل: 90).
ولا ينظر في اختيار المحكمين إلى كثرة وغلبة الأطراف؛ فالمحاصصة المتساوية هي العدل.
والتصويت لمرشح الرئاسة قائم مقام البيعة؛ لأن الأمور بمقاصدها؛ ولأن مؤداها اختيار رئيس للدولة وهو مقصود البيعة، فإذا تمت المقاصد فالعبرة بها.
ولأنه من أقر من أهل الأمصار والأقاليم زمن الراشدين ومن بعدهم كفى في صحة البيعة بلا استقصاء لكل أحد لتعذره.
ومن فاز غير مرشحه للرئاسة ففي عنقه بيعة للفائز ولو لم ينتخبه؛ لأن العبرة بغالب الجماعة، ولأن الكل تراضوا على نتيجة ذلك سلفا، فوجب التزام ذلك، وقام الرضى المشروط المتوافق عليه مقام صراحة البيعة.
ويكتفى: بالإقرار من الغير، فإن لم يقر تصريحا أو صرح بعدم الإقرار، وكان ذا شوكة والانتخابات صحيحة نزيهة أثم، لأدائه إلى بلبلة الجماعة، وإثارة الفرقة.
والبيعة لازمة له.
ومن لم يقر وكان غير ذي شوكة وقوة فكذلك، والبيعة لازمة له.
ولا يجوز لأحد التزوير والغش والالتفاف على إرادة الناخب؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، وخيانة، وتحميل الأمر لغير أهله، وكلها مظالم وذنوب كبيرة.

الصفحة 166