كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ويجوز للرجل والمرأة الانتخاب، وتتساوى أصواتهم؛ لأنها ليست شهادة محضة بل اختيار، ووكالة، وشهادة.
واجتماع أمور في جهة واحدة تعطيه حكما مستقلا واسما مستقلا.
ولخصوص الأمر بالضِّعف بالمال ونحوه، ولذا جاز شهادة واحدة على بكارة وولادة ورضاع.
ويقبل خبر الواحدة وفتواها وإخبارها بالقبلة، وشهادتها بنجاسة الماء، ورؤيتها للهلال للصوم والحج كرؤية الرجل على الأصح (¬1).
ويشترط للإدلاء بالصوت الانتخابي أن يكون من عاقل بالغ، فلا يصح من صبي أو مجنون إلا جنونا متقطعا وكانت الانتخابات في حين صحوته.
ومن أدرج طفلا خان الأمانة، لأن الطفل لا نظر له، بل نظره تابع لنظر وليه في تصرفاته، لذا لم يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي ودعا له (¬2).
¬_________
(¬1) - بل الشهادة المنصوصة في المالية رجل وامرأتان معللة (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) (البقرة: 282)، فإذا انتفت العلة بتوثيق كتابي منها وتوقيع أو بصمة أو نحو ذلك مما يقطع بالذكر للحادثة كفت واحدة مع الرجل، وهذا ما أراه موافقا لظاهر التعليل الشرعي المنصوص.
ويخطئ بمثل هذا في دعوى أن إرث المرأة نصف الرجل، وهذا خطأ فادح على الشرع بل لها مع الرجل ثلاث حالات:

الأولى: تتساوى مع الرجل في مثل ميراث الإخوة والأخوات لأم، وكذا في جد وجدة وأب وأم لكل السدس مع فرع وارث ذكر.
الثانية: ترث المرأة أضعاف الرجل في ميراث نساء النصف والثلثين والباقي للذكور من الرجال العصبات ممن دونهن وقد لا يأخذ الرجل سوى العشر أو أقل.
والثالثة: أن يأخذ الرجل ضعف المرأة في مسألة الأولاد أو الإخوة الأشقاء أو لأب.
وهذا التقسيم الثلاثي عرفناه باستقراء الشرع في ذلك وبه يتضح وهم من وهم في اجتزاء حالة واحدة وإهمال أخرى.
والحاصل أن صوتها الانتخابي كصوت الرجل ولا فرق، سواء قلنا إنه إخبار أو شهادة معينة.
(¬2) - قولنا «لذا لم يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي ودعا له» أخرجه البخاري برقم 7210 عن عبدالله بن هشام، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب ابنة حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بايعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو صغير فمسح رأسه ودعا له، وكان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله.

الصفحة 167