كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وفرض على الدولة رعاية اليتامى والأرامل والمساكين والفقراء وذوي الحاجات والاحتياجات، وتقديمهم على ذوي الغنى، ونصرة المظلوم وتمكين الضعيف من أخذ حقه، ورعاية أسر الشهداء، وإيتاء الحقوق لأهلها.
ويجب رعاية علوم الشريعة من قرآن وفقه وسائر ما يتعلق بها وعلمائها وطلبتها، وإقامة جامعاته ومناهجه ومدارسه، وتوفير درجات توظيفية لهم وإقامة المساجد، وكل ما يعمرها ويقيمها، وحلقات تحفيظ القرآن وعلومه والحديث وأحكامه بما يحقق مقصد الشريعة الأول وهو حفظ الدين، ويضمن حماية الأجيال من كل فكر متطرف، وغلو أو تميع وانحلال وتبعية فكرية للآخر.
والثروات الاستراتيجية من نفط وغاز وذهب، وكذا كل الثروات الباطنة بحرية، أو برية، أو جوية، هي ملك للأمة ككل.

من أصول الحكم وسياساته الكبرى
ونظام الحكم وسياساته في الإسلام قائم على أصول كبرى استنبطتها بالتتبع وهي:
1) الخطاب التكليفي لإقامة المنهج والشريعة والدولة تكليف عام إلى الجماعة ككل، فيدل أن الدولة حق للجماعة ككل؛ لأنها الآلية التي يجب أن تتخذ لإقامة التكليف العام.
2) توريث السلطة أو تبادلها مباح مصلحي وسيلي يكون بالرضى من الأمة؛ لأنه حق للأمة تعطيه من تشاء ممن يصلح لهذا الأمر.
3) الاستخلاف والتمكين مقصد ووعد إلهي للذين آمنوا وعملوا الصالحات، والدولة رأس الاستخلاف والتمكين، والعمل لهذا المقصود الشرعي والوعد الرباني فرض كلي (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55).
4) إقامة الدولة الراشدة العادلة والتمكين لها وحفظها مقصود شرعي أراده الله (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ

الصفحة 171