كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

القوانين والأنظمة بكثرة جدا تطابق صيغة المبالغة.
فالتقارير الكاذبة، والوشايات، والبلاغات، وكيل التهم للأفراد، والجماعات التي تقول كلمة الحق المعارض لأهواء وشهوات حاكم بالغة حد الكثرة التي ينتج منها كثرة السجون الخارجة عن الشريعة والمساجين بلا جريرة ولا قضاء ولا قانون.
وقد جاء في النص «من أكل بمسلم أكلة أطعمه الله مثلها في جهنم، ومن لبس بمسلم لبسة ألبسه الله مثلها في جهنم» (¬1).
وهذه المظالم، والأضرار، والمفاسد واجب دفعها ومنعها، ولا يتم ذلك إلا بإلغائها، فإن قيل يمكن تحويلها ضمن مؤسسات خاضعة للنظام والقانون، فالجواب لا يكون ذلك؛ لأن أصل عملها جاسوسي وهو محرم، ولا يوافق أصل الشريعة ولا المؤسسات الدستورية ولا القانونية، مع كفاية الأجهزة الرسمية القانونية في حفظ الأمن والاستقرار.
ويمكن القول إن تحقق دمجها بالأجهزة القانونية وعملت وفق الشرع والقانون جاز.
وأقسام الأمن في المديريات واجب عليها حماية المواطن على وجه العموم.
ويحرم استغلالها لخدمة أغراض أي جهة خاصة حزبية، أو مناطقية بما يؤدي إلى ابتزاز مواطن، أو إرهابه، أو الانتقام منه؛ لأنها حينئذ خلاف المصلحة العامة.
ومن ثبت عنه ذلك من مدراء الأمن والأقسام حقق معه، واتخذ معه ما يلزم من تأديب قانوني، فإن عاد وجب عزله؛ لأنه متخذ لولاية المسلمين العامة على خلاف مقاصدها الشرعية؛ ولأن عزله دفع لمفاسد ومظالم عن العامة، ودفع الضرر واجب.
¬_________
(¬1) - حديث «من أكل بمسلم .. » أخرجه الإمام الطبراني في الأوسط برقم 2641 عن المستورد بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أكل بأخيه أكلة أطعمه الله مثلها من نار جهنم». وسنده حسن صحيح. وهو في الكبير برقم 17119. وأخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق برقم 222. وصححه الحاكم في المستدرك برقم 7166. وقال الذهبي صحيح. ولفظه عند الحاكم «من أكل بمسلم أكلة أطعمه الله بها أكلة من نار جهنم يوم القيامة ومن أقام بمسلم مقام سمعة أقامه الله يوم القيامة مقام سمعة ورياء ومن أكتسى بمسلم ثوبا كساه الله ثوبا من النار يوم القيامة». وهو في الأدب المفرد برقم 240 وصححه الألباني هناك مع أن بقية فيه لكن التصحيح إنما هو لهذه الطرق. وهو في مصنف عبدالرزاق بسند صحيح إلى الحسن برقم 21000. ووقاص ابن ربيعة الراوي له عن المستورد، قال الحافظ: مقبول. مخالفا للذهبي حيث قال: ثقة. وقول الذهبي مقدم.

الصفحة 179