كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

إلا إن تحقق الشخصُ ظلما عليه إن أجاب كضرب ونهب مال، فإنه يلجأ إلى القضاء.
فإن لم تكن دولة مؤسسات ونظام، وجب على أهل الحي نصرته، ويجب كذلك على قادر فردا كان أو جماعة أو منظمة؛ لأن نصرة المظلوم واجبة، فإن تركوه دخلوا في اللعن والإثم المنصوص.
ووزير الداخلية ومسئولو الأمن يشترط في تعيينهم العدالة، والكفاءة، والديانة، والحفاظ على شعائر الدين.
ولا يجوز لقاطع الصلاة وشعائر الدين أن يعين في ذلك؛ لأنه فاسق يستحق التأديب؛ والولايات العامة أمانات لا تسلم إلا إلى أهلها، وليس هذا منهم.
وما يعطى للجهات الأمنية من عُهَدٍ صغرت أو كبرت، من أطقم وسلاح، وكل اللوازم، هي أمانات من خانها فهو غال (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (آل عمران: 161).
والغلول هو: اختلاس المال العام، والتصرف فيه في غير ما وضع له وهو من الكبائر.
ولا يجوز أثناء التحقيق ضرب، ولا شتم، ولا تهديد بعرض ولا مال ولا ولد، ولا غيره ممن يخاف عليه المتهم، ولا تعذيبه؛ فإن ذلك من المظالم التي جاءت الشريعة بمنعها.
وعموما بقوله تعالى (وَلاَ تَعْتَدُوا)، ولحديث «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» (¬1).
والأصل: أنه لا يجوز السجن إلا بحكم قضائي إن اقتضى الأمر؛ لأن السجن ضرر وليس بإحسان، لقوله تعالى (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) (يوسف: 100)، والضرر مدفوع.
ولا يجوز السجن في مكان غير صحي ولا غير طاهر، ولا السجن التعسفي، ولا خارج القانون؛ لأنه مخالف لحقوق الإنسان وكرامته التي كفلتها الشريعة.
أما المرأة فالأصل أنه لا يجوز سجنها البتة؛ لأنها أصل العرض، وحفظ العرض مقصد من أكبر المقاصد وسجنها مناف للحفظ، وإن اقتضى الأمر الضروري جداً فإنها لا تسجن إلا
¬_________
(¬1) - تقدم تخريجه.

الصفحة 181