كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ورواتب واعتماد المسئولين في الأمن وسائر الدولة من وزراء ومدراء وقادة تكون بما يحصل به الكفاية للتفرغ للواجب؛ لأنه عامل لمصلحة المسلمين فيُكْفَى بما يليق به بلا سرف ولا تقتير؛ لأن السرف والتبذير محرم في المال الشخصي فكيف بالمال العام الموضوع على الأمانة؟ ولأن التقتير تضييق ومشقة وترك للعدل والإحسان، وفتح لباب الفساد وأكل الحرام من السحت والرشوة والاختلاس.

مؤسسة الأمن الغذائي:
وهي مؤسسة مفترضة قد لا توجد في دولة على أهميتها البالغة؛ إذ الدول تقلد بعضها بعضا في التقسيم والترتيب؛ فإذا غفل المقلَّد غفل المقلِّد، وفي شريعة الإسلام دعوة إلى الاجتهاد والنظر وإعمال العقل الاستقلالي وهذا منه.
ولا يقال إنها تابعة للمؤسسة المالية؛ لأنها ليست كذلك، فالمؤسسة المالية بوزاراتها ومكاتبها تُعْنى بالمال تحصيلا وتنمية، ولا تُعنى -بعد ذلك- بإيجاد أمن غذائي عام، وإن كان من أهدافها، أو من منتوج أهدافها، إلا أنها لا تهتم به في درجة الضروريات.
والأمن الغذائي أحد الأمنين الذَين يقوم عليهما الأمن الشامل، وقد جمعا في قوله تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش: 3 - 4).

- تعريف الأمن الغذائي:
ونعني بالأمن الغذائي: الوصول إلى الدرجة الوسطى من الوفرة في الضروريات والحاجيات والتحسينات الغذائية.
فالضروريات الغذائية: واجب على الدولة أن توفر منها حد الكفاية للشعب؛ لأن ما دون حد الكفاية في المواد الغذائية الضرورية يوصل ولا بُدَّ إلى حد المجاعة ثم الموت جوعا للجزء من الشعب أو الأكثر أو الكل بحسب درجة العجز.
وقولنا «الغذائية» لفظ شامل للطعام والشراب.
والضرورات الغذائية ثلاثة أنواع لا بد من توفرها لكافة البشرية، ودونها حد الهلاك وهي: الماء، واللبن.
والأنواع الأربعة من الزرع أو أحدها: القمح، والبر، والذرة، والشعير. وقلنا من الزرع ولم

الصفحة 185