كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وثانيها: الخضروات من ثوم، وبصل، وفجل، وجمع هذا في قوله تعالى (مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) (البقرة: 61).
وثالثها: الدهن ورأسه الزيتون (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِينَ) (المؤمنون: 20).
ورابعها: السكريات الغذائية، ومنها التمر والزبيب، إذْ التمر يقوم مقام الحاجيات الغذائية، وبعض الضروريات، ويعصر منه ومن الزبيب الأشربة المباحة، والخل «ونعم الإدام الخل» (¬1)، فإذا أسكرت حرمت.
وأما التحسينات الغذائية: فهي ما دار حول التفكه وهو نوعان:
الفواكه، واللحوم بَرِّيُّها وبَحْرِيُّها، وما ندر من الغذاء، فاستعمالها دواء وغذاء كالعسل.
فالفواكه تشمل سائر أنواع الفواكه الغذائية، وتوفيرها من الأمن الغذائي؛ لأنها بديلة في الطوارئ عن ضروريات الغذاء بالنص (أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) (الواقعة: 64 - 65)، أي تنتقلون إلى البديل الطارئ وهو الغذاء بالفاكهة.
فالنوع الأول والثاني من الغذاء الضروري والحاجي لما كان لا بد للإنسان منهما خلقهما الله سبحانه بحيث لا يتسرع إليهما فساد، وإلا لذهبت الحياة، فالحبوب والبقوليات والتمر والزبيب قابلة للادخار الطويل والتخزين لسنوات، والماء خلق جاريا يدفع عن نفسه الخبث.
ولذا نهي عن تقذيره وتلويثه وإفساده، خاصة الراكد بالنص.
وأما اللبن فخلقه الله محفوظا في الضرع لا يمكن طروء فساد عليه.
وأما الزيوت؛ فخلقها دافعة لتَسَرُّع فسادها.
والملح لا يفسد ما بقي.
وأما ما يتسارع إليه الفساد من الخضروات مع أنها في مرتبة الحاجيات؛ فجعلها الله سريعة الإنبات لا موسمية كالحبوب ونحوها من القوت المدخر.
¬_________
(¬1) - حديث «نعم الإدام الخل» حديث حسن صحيح أخرجه أبو داود برقم 3822، والترمذي برقم 1839، وله شاهد من حديث عائشة عنده، وقال حسن صحيح غريب 1840. وأخرجه أحمد بسند على شرط الشيخين من حديث جابر برقم 14300.

الصفحة 187