كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

والواجب على الدولة من خلال هذه المؤسسة اتخاذ كافة الوسائل الموصلة إلى توفير الأمن الغذائي بدرجاته الثلاث.
ومن أكبر الوسائل إقامة نهضة زراعية شاملة تخطيطاً، وإنشاءً، وتنميةً، وحفظاً، ورعايةً، وتخزيناً، وتسويقاً، وصناعة غذائية شاملة من خلال ذلك.
وتنميةً حيوانية للثروة من الأنعام التي هي المصدر للبن ومشتقاته، واللحوم بأنواعها، وكذا الاهتمام بالحياة البحرية الغذائية، والبرية من طير وصيد إنسي ووحشي.
ولا بد من تنميتها والاهتمام بغذائها وصحتها؛ لأنها وسيلة موصلة إلى الأمن الغذائي فلا بد منها، فوجوبها كلي وسيلي.
ويتولى هذه المؤسسة الهامة الأكفاء والأمناء العدول من الوزراء والخبراء والمهندسين والفنيين والإداريين والعاملين.
ويهتم بها تطويرا ودعما ماديا ومعنويا من الدولة؛ لأنها تقوم بأحد أكبر الوسائل التي تخدم المقاصد الكبرى وتحفظ النفس والمجتمع والشعب بأنواع ضرورية وحاجية وتحسينية من الحفظ؛ فوجب على الدولة ذلك؛ لذلك.

المؤسسة الدينية:
وأما المؤسسة الدينية فهي كيان مستقل يخدم المقصد الأول الأكبر، وهو حفظ الدين.
ولا بد من وجودها الآن وجوبا؛ لأنها ستدفع أعظم المفاسد عن العقول والأفكار التي نتج عنها الغلو والتطرف الموصل إلى استباحة دماء أهل الإسلام تحت مسميات وعلل، ونتج عنها الفرقة العقائدية والفكرية، مما سهل لعدوها تفريقها والإيقاع بها، واتخاذ الذرائع لحربها واحتلالها بمسميات عديدة كمحاربة التطرف والإرهاب، ونحو ذلك.
ولأنها وسيلة إلى الهداية الواجبة للناس، وعدمها يؤدي إلى نقيض ذلك من الضلال والانحراف «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء» (¬1).
¬_________
(¬1) - حديث «إن الله لا يقبض العلم ... » أخرجه البخاري في العلم برقم 100 عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا».

الصفحة 190