كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

والأصل الشرعي أن لا يستدل بنصوصه إلا لله وما يرضيه، لا تعصبا وتحزبا لمذهب، أو فرقة، أو طائفة، فهذا منهي عنه بعموم (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (الشورى: 13)، أي أقيموه لله ولا تحرفوه لجهة، رغبة أو رهبة أو عصبة.
وقال سبحانه وتعالى (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (آل عمران: 105).
فيحرم قطعيا إذكاء الصراع الديني بين الطوائف والمذاهب وإشعال الفتن بتشجيعٍ أو إمدادٍ أو معاونةٍ؛ ولأنه بغي وعدوان وفتنة، فحرم (وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).
وفِعلُ السلطة ذلك أو الحاكم أو معاونيه يوجب على الشعب ردعهم ونهيهم ومحاسبتهم على ذلك.
فإن لم يحصل الردع إلا بالمقاضاة وجب ذلك، وإن لم فكل وسيلة لإزالة ومنع هذا المنكر والفساد والبغي من الوسائل السلمية (¬1).
وآخر ذلك لزوم عزله بشروطه المعتبرة؛ لنقضه قانون الولاية؛ ولأنه وسيلة للفساد وإزالة الفساد ووسائله واجبة.
وولايته في الأصل باطلة؛ لمخالفته مقصود الشرع والعقد وشرط الولاية، وهو جمع الكلمة وتوحيد الناس وإقامة ما يصلح ودرء الفتن؛ فإذا كان هو من يفعل ذلك فولايته وتصرفاته باطلة، وبقاؤه غير مشروع.
وواجبٌ منعه وردعه بوسائل تحقق ذلك: قانونية أو رسمية أو قضائية أو شعبية، وآخرها قيام الشعب بعزله بما لديه من الوسائل القضائية والسلمية.
وهذه مسألة أخرى خاضعة لشروط غير مسألة بطلان ولاية ذلك الوالي حتى لا يخلط بينهما.

15 - خصخصة المؤسسة الأمنية والعسكرية لحماية الحاكم لا الشعب:
والمؤسسة العسكرية والأمنية إنما وجدت لحماية أمن الشعب والدفاع عنه وحفظ الوطن من أي اعتداء.
¬_________
(¬1) - بسطنا القول في كتابنا هذا في آليات التغيير السلمي.

الصفحة 225