كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)
والرد في ذلك فأسهب في التخريج اضطرارا كما ستراه في حديث «على اليد ما أخذت» وحديث «لا ضرر ولا ضرار» والحديث الساقط «أيما قرض جر نفعا فهو ربا» ومثله «الكالئ بالكالئ»، وكذلك في الزيادة المنكرة الشاذة في حديث «اعتداد المختلعة بحيضة»، فهذه وأمثالها ناقشتها على قواعد هذا العلم ناقلا أقوال النقاد الكبار كابن المديني والبخاري والترمذي وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين والدارقطني والبيهقي، وكذلك الذهبي ثم الحافظ ابن حجر والزيلعي والبوصيري ومغلطاي وابن الملقن وابن عبدالهادي وابن القطان وعبدالحق الأشبيلي وابن عبدالبر وابن رجب وابن حزم وابن دقيق العيد وابن المنذر والنووي وغيرهم.
ولم آلُ جهدا في التحقيق والتمحيص في مثل هذه المواطن، ولم أعتمد في التصحيح والتضعيف على التقليد أبدا، إلا أنه يمكنني استثناء مواضع في لوحات الخاتمة، حيث اعتمدت على بعض الأئمة من المتقدمين والمتأخرين بل والمعاصرين في أحكام بعض أحاديث نظرا لضيق الوقت، ولأن هذا الباب الخاتم للكتاب كانت فيه هذه الأحاديث في الترغيب والترهيب، فاكتفيت بالنقل عن الأئمة.
* المقصد السادس للشريعة «حفظ الجماعة العامة» .. منّ الله علينا بدراسة علم المقاصد على مشايخي في العلم كالعلامة عبدالكريم زيدان والعلامة حسن الأهدل -رحمه الله، والعلامة محمد الشنقيطي .. ثم اُخْتِرْتُ من هؤلاء الأعلام لتدريس الموافقات والفروق والأصول وقواعد الفقه.
وقد درَّست هذه العلوم، خاصة الموافقات «جزء المقاصد» زهاء أحد عشر عاما، وقد فتح الله علينا في هذا العلم بحصر وجمع كافة مقاصد الشريعة وتقديمها للأمة في ثوب جديد نسأل الله أن يمن بإتمامه وطبعه، حيث جمعت المقاصد الضرورية والحاجية والتحسينية في بضع وخمسين مقصدا.
ومن هذه المقاصد الضرورية التي أضفناها لهذا العلم المقصد الضروري السادس للشريعة، وهو «حفظ الجماعة العامة»، ونعني بالجماعة المجتمع والشعب ودولته والأمة، وقد وافقني على هذا كثير من علماء الأمة في اليمن وخارجها، ومنهم شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله. وقد كنت أدرجت فقه المقصد السادس في هذا الكتاب في فقه مستقل ثم رأيت تأخيره مع مجموعة أخرى تصدر في مؤلف أو مؤلفات كفقه الجرائم والفقه الأكبر وفقه القواطع وفقه النفس وفقه الأديان والعقائد وفقه النهضة الشاملة وفقه القضاء وفقه التنمية البشرية وفقه الآداب والفضائل والمكارم وغيرها. فنسأل الله أن يمنّ بذلك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ولن آلو جهدا بإذن الله عزوجل في مشروعي القادم الذي هو شرحي للكتاب في الاستقصاء والمناقشة لمسائل العصر لأفتح من الكتاب ما قد ينغلق على البعض؛ وليتبين لمن قد يسارع في نقد بعض المسائل التي عرضتها واخترتها الملاذَ الفقهي الموسع بالتعليل والتدليل والنقل عن فقهاء العصر وغيرهم، حتى يعلم أني لم أختر القول الذي ذهبت إليه جزافا، وإنما عن تمحيص وتأن ومراجعة، وكم من مسألة طال النظر
الصفحة 23
1137