كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

ويمكن أن تصح هذه الصورة، ويحمل على أن البضاعة قرض مضمون، والإيجار للمحل لا لها، وهذا محتمل يجوِّز الصورة.
وما أجاز خير مما منع؛ لأن الأصل هنا الإباحة.

إجارة الباصات ونحوها:
ويجوز إجارة الباصات، والسيارات بالنسبة كالثلث، وبالأجرة المعلومة كمئة في اليوم مثلا؛ وإنما يجوز الإيجار بالنسبة؛ لأنها مشمولة بعموم (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) (البقرة: 275)، و (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: 29)، ولأن الأصل الجواز، ولوجود أصل شرعي لذلك، وهي استئجار الأرض الزراعية بالنسبة. وكيفية توزيع النسبة يضبط بالشرط أو العرف، فثلث الربح مثلا لطرف والثلثان للآخر، أو بحسب الاتفاق، وينص فيه على وقت الدفع كاليوم أو الشهر دفعا للخصومة، فإن لم ينص رجع إلى العرف.
ومن استأجر شيئا ضمنه؛ لأن الأصل في الأموال الضمان، ولأن العقود مقصودها المنفعة، فإذا سقط الضمان عاد سقوطه على هذا المقصود الشرعي بالبطلان، ولأن الضرر مدفوع، وعدم الضمان فيما أخذ من مال الغير ضرر؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (¬1)
إلا إن حدث أمر عام كحريق، أو حادث مرور وليس هو من أخطأ فيه.
¬_________
(¬1) - قولنا «ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (على اليد ما أخذت .. )، قلت: حديث «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» حديث صحيح، كما سترى بعد قليل، وقد صححه الحاكم والذهبي والسيوطي وابن طاهر وابن قدامة وحسنه الترمذي والأرناؤوط في تحقيقه على المسند، وقد تتبعت علة المضعفين وهي عدم سماع الحسن من سمرة فوجدتها لا تصح، فقد أثبت سماعه علي بن المديني والبخاري والحاكم والترمذي والذهبي وغيرهم، والمثبت مقدم على النافي، وقد تتبعت مروياته خلال تدريسي للحديث الشريف وعلله ومصطلحه في الحلقات العلمية قرابة 20 عاما ورجحت هذا القول، وبينت ذلك في كتابي «النفس اليماني في شرح سنن أبي داود السجستاني» يسر الله إتمامه، والحديث أخرجه أبو داود برقم (3563) وابن ماجة برقم (2400) والترمذي برقم (1266) وأحمد برقم (20098) وأيضا برقم (20168)، والبزار برقم (4548)، والنسائي في الكبرى برقم (5751)، والبيهقي برقم (11816)، والحاكم برقم (2302) وقال على شرط البخاري، وقال الذهبي على شرط البخاري، وابن الجارود برقم (1024)، والطبراني (6719)، والدارمي برقم (2638)، والروياني برقم (792)، وابن أبي شيبة (20941)، والباغندي في أماليه (23)، والمحاملي في أماليه (284)، والشهاب في مسنده (270)، وصححه السيوطي في الجامع الصغير (5455)، وحسنه ابن قدامة في الكافي في فقه أحمد برقم (2/ 314). قال الذهبي في السير (3/ 184): سمع الحسن من سَمُرَة ولقِيَه بلا ريب. =

الصفحة 37