كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

كشركات ومؤسسات؛ لأنها أمانة والفرض أداؤها إلى أهلها، وإلا ضيع الأمانة.
فإن كان الموظف سفيها حَرُمَ توليته ولو في ملك خاص لفرد؛ للنص في ذلك (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (النساء: 5).
توزيع الدرجات الوظيفية:
والواجب على الدولة في توزيع الدرجات الوظيفية العدل على سائر نواحي البلاد؛ لأنه من عموم العدل المأمور به (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: 90).
وليس من العدل والإحسان حرمان مناطق في البلاد إهمالا، وإعطاء أخرى.
وهو مع خلافه العدل والإحسان مؤد إلى مفاسد وفتن في الدولة، ودفع هذه واجب.
وإنما قلنا إهمالا؛ لأن حرمان بعض المناطق إن حصل لأجل عجز مالي أو لمبرر مشروع فالحرج فيه مرفوع.
الالتزام بتوجيهات الإدارة:
والواجب على الموظف طاعة مدرائه فيما يخص مصلحة العمل؛ لأن هذا هو مقتضى العقد الملفوظ، أو المكتوب، أو المعروف عرفا؛ إذ المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
والله يقول (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1).
وإنما قلنا فيما يخص مصلحة العمل؛ لأن الإلزام بالطاعة هنا هو لأجل العقد، والعقد إنما هو في دائرة العمل.
ومسئولو العمل ومدراؤه يشملهم النص (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء: 59).
ويحتمل أن الجمع للفظ (وَأُوْلِي الأَمْرِ)؛ لإيهام إفراده اختصاصه بولي الأمر الأعظم.
والإدارة فيها إجارة ونوع إمارة، أما الإجارة فلأن الموظف أجير بعوض مالي، أما كونها إمارة فإمارة مقيدة بدائرة العمل لوجوب الطاعة فيها بالعقد.
ومن خالف الأوامر والتوجيهات العامة، أو الخاصة المتعلقة بالوظيفة، فهو آثم لإخلاله بالطاعة لأولي الأمر، وتركه مشروط العقد في ذلك الأمر على الخصوص إن كان منصوصا

الصفحة 44