كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)
ونهى عن الإكثار منه: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا» (¬1).
ويباح حفظ ما شاء من الشعر الجائز بلا إكثار؛ للنهي عن ذلك.
ويجوز أن يحفظ منه ما يستعان به على حفظ غريب القرآن وتفسيره كما قال عمر «عليكم بديوان شعركم فإن فيه تفسير كتاب ربكم» (¬2)،
لما فسر قوله تعالى (عَلَى تَخَوُّفٍ).
والحداء نوع منه، وقد قال صلى الله عليه وسلم للحادي «رفقا بالقوارير» (¬3)؛ لأنه يؤثر في إسراع حركة الإبل، والنساء راكبات على ظهورهن فيصيبهن من ذلك تعبٌ؛ لضعفهن.
ونَظْمُ العلم محمود ومندوب؛ لأنه وسيلة إلى تيسيره، والوسائل لها أحكام مقاصدها.
- الإنشاد:
والإنشاد للشعر بلحن لا مانع منه بلا خلاف بدليل حداء الحادي مع رسول الله وقوله صلى الله عليه وسلم له «رفقا بالقوارير»، والحداء إنشاد الشعر بلحن.
¬_________
(¬1) - صحيح البخاري برقم 6155 ومسلم برقم 6030، واللفظ للبخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يمتلئ جوف رجل قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا.
(¬2) - قول عمر ذكره كثير من المفسرين منهم القرطبي (10/ 110) ط/ عالم الكتب -الرياض، وفيه: وقال سعيد بن المسيب: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: يا أيها الناس، ما تقولون في قول الله عزوجل (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ)؟ فسكت الناس، فقال شيخ من بني هذيل: هي لغتنا يا أمير المؤمنين، التخوف التنقص. فخرج رجل فقال: يا فلان، ما فعل دينك؟ قال: تخوفته، أي تنقصته؛ فرجع فأخبر عمر فقال عمر: أتعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال نعم؛ قال شاعرنا أبو كبير الهذلي يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد تمكه واكتنازه:
تخوف الرحل منها تامكا قردا ... كما تخوف عود النبعة السفن
فقال عمر: يا أيها الناس، عليكم بديوانكم شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.
(¬3) - أخرجه البخاري برقم 6149، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه ومعهن أم سليم فقال ويحك يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير قال أبو قلابة فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بعضكم لعبتموها عليه قوله سوقك بالقوارير. وهو في مسلم برقم 6180.
الصفحة 558
1137