كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)
ومعلوم أن هذه الصورة حرام لما فيها من المجون، وما يحدثه شرب الخمر والاختلاط بالنساء والمغنيات العازفات من فواحش، وينطبق اليوم كثيرا على الفيديو كليب المصاحب بالعري والرقص الفاتن الماجن، فهو محرم على جميع أقوال العلماء ومذاهبهم.
وأما قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (لقمان: 6).
فلا دلالة فيه على المسألة؛ لأن المقصود: كل لهو حديث يصد عن سبيل الله، وما كان كذلك حرم سواء الغناء، أو الشعر، أو الاحتفال، أو غيره.
حتى مما أصله مباح؛ لأدائه إلى الصد عن سبيل الله، وتفسيرُ ابن مسعود رضي الله عنه اجتهادٌ محتمل.
ومع هذا كله؛ فالاحتياط هو قول الأكثر من السلف والخلف في منع المعازف لقوله تعالى (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) (الفاتحة: 6 - 7).
فجعل الهداية بالاقتداء بسبل المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهؤلاء أبعد خلق الله عن المعازف، وسبيلهم هداية.
والغناء اليوم أنواع:
الأول: ما كان من الأناشيد الوطنية والحماسية المصاحبة بالموسيقى؛ فأجازها جماعة من العلماء؛ لعدم أدائها إلى الفتنة والغواية، ولا بد أن يستثنى منها منع ما كانت تدعو إلى دعوى جاهلية كالعصبة لفئة، وعداوة غيرها من المسلمين.
الثاني: الأناشيد الإسلامية بدف وبدونه فالأصل فيها الجواز، ومن ادعى التحريم فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة، وأنى له ذلك؟ فشملها الحل؛ لعموم قوله تعالى (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: 101)، في كل مسألة لم ينص على تحريمها ..
الثالث: الغناء الماجن كالفيديو كليب الذي ترقص فيه القينات والنساء فهذا لا شك في تحريمه، سواء كان بموسيقى أو لا؛ لأن الله حرم مجرد ضرب الرِّجْلِ المؤدية إلى إسماع الزينة الخفية من المرأة (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) (النور: 31)، فهذا أشد، ولأنه يحرم إظهار
الصفحة 562
1137