كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

فالكفاءة القدرة العملية، والمؤهل القدرة العلمية وحسن الخلق، وما بعده هو حسن السيرة والسلوك في العرف الوظيفي الآن، والحفاظ على الشعائر والقيم الدينية والمجتمعية.
ولا يجوز الغياب إلا بعذر لا تلاعب، ولا البدل إلا بمثله في الكفاءة ولضرورة وبإذن الجهة المسئولة.
ويجب الإحسان في التعليم لسائر المواد، والرفق مع الطالب، والنصح له، وبذل الوسع؛ لأن هذا مقتضى العقد، فهو من الإيفاء المأمور به (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1).
ويجوز الضرب المؤدب لا المتلف إن اقتضى الأمر ذلك. وقد قرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن ابن عباس طفلا (¬1).
ويجب على الدولة توفير وسائل التعليم المطلوبة لتحقيق المقصد منه من معامل وتطبيقات وتكنولوجيا، ويستعمل كل ما استحدث من الوسائل؛ لأن الشريعة قاصدة للإحسان (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195).
¬_________
= العلمية وهي بحسب العمل، ففي وظيفة المدرس قدرته على إلقاء الدرس أمام الطلاب وما يتعلق بذلك.
وهذه الخصلة من الكفاءة مطلوبة ضرورة إذ لا يمكن لمن لا يستطيع التدريس عمليا أن يوظف مدرسا ولو كان مؤهلا، وقد قال صلى الله عليه وسلم «إنك ضعيف وإنها أمانة» ومعنى الضعف جار هنا.
وأما اشتراط الخلق فهو شرط يفسره ما بعده في قولنا «ولا متهتك». وسيء الخلق هو الفاحش البذيء والمتهتك هو عديم الالتزام بالقيم دينا وعرفا.
ومن كان هذا حاله آذى الناس وضر، ولا بد من دفع ضرره وأذاه؛ لأن ذلك أمر شرعي ودفعه هنا اشتراط حسن الخلق والسلوك والحفاظ على الشعائر والقيم الدينية والمجتمعية، وهي ما تسمى عند الفقهاء «العدالة».
(¬1) - قولنا «وقد قرص رسول الله .. » الحديث متفق عليه (البخاري برقم 183، ومسلم برقم 1825) واللفظ له، عن ابن عباس أنه بات ليلة عند ميمونة أم المؤمنين -وهى خالته- قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام فصلى. قال ابن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح.

الصفحة 57