كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وفرض على الدولة وسائر القطاعات التعليمية تعليم الشعائر الكبرى للدين والعمل بها والصلاة بالطلبة في أوقات الصلاة، وتعظيم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم؛ لعموم (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج: 41). وغربلة الطلاب؛ لإخراج الأذكياء والعباقرة ودعم تخصصاتهم؛ لأن هذا يحقق العمل بفرض الكفاية في إيجاد التخصصات.
وتوزع المنح الدراسية للمؤهلين، ويحرم إدخال غير مؤهل بوساطة، أو رشوة، أو تحايل، أو أي وسيلة؛ لأنه يؤدي إلى إعطاء الحق لغير أهله، ومنع المستحق ويؤدي إلى مفاسد وفساد تعليمي وتخلف البلاد، وهذا كله من الظلم، والشريعة جاءت لدفعه ومنعه.

وجوب التزام الدوام من أول الوقت إلى آخره وما يلزم عند التفريط:
والأجراء والموظفون يجب عليهم الدوام من أول دقيقة في الوقت إلى آخر دقيقة، وجاز خصم قسط مقابل التفريط في الدوام بما لا يتسامح في مثله عرفاً.
ويجب على الموظف القيام بجميع ما عليه من عمل، فإن لم يقم بذلك لمماطلة أو تلاعب أو كسل أثم؛ لأنه خالف الوفاء بالعقود (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1).
فإن كان موظفا بأجرة شهرية، أو يومية؛ فإنه يأثم؛ لأن هذا نوع خيانة للأمانة. وعليه إثم من جهة عدم قضاء حاجات الناس ومعاملاتهم؛ لأنه المقصد الشرعي من الوظيفة وقد ضيعه وما إبرام العقد إلا لهذا المقصد.
وجاز تأديبه بالتحقيق والإنذار والخصم ثم الفصل إن اقتضى الأمر ذلك.
فإن كان أجيرا بالعمل لا بالمدة كبناء، أو هندسة، أو طلاء، أو خياطة، أو نحو ذلك من كل وظيفة أو أجرة تنضبط بالعمل لا بالمدة؛ فإنه يأثم لتلاعبه، ومماطلته، ولا يخصم من أجره إلا إن أدى مطله إلى الضرر الفاحش، كمن عقد مع شركة استيراد توريد سلعة لموسم كعيد فأخرها عن موسمها، لم يلزمه قبضها، فإن أمكن بيعها في غير موسمها بلا ضرر قبضت، فإن حصل ضرر ضمن بحكم عدلين عارفين بذلك.
وإنما يحكم عدلان دفعا للضرر عن الطرفين وقطعا للنزاع والأطماع.

الصفحة 60