كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 2)

فما لهج به من لم يلزمها بذلك ليس عليه ولا فيه حجة.
والأصل قرار المرأة في بيتها للأمر في (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) (الأحزاب: 33).
وهي عامة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولا بخصوص المخاطب.
وتخرج لحاجتها إن أرادت، «أذن لكن أن تخرجن في حاجتكن» (¬1).
وتستأذن زوجها في خروج يستأذن منه عرفا؛ للأمر بالعشرة بالمعروف، ومنه هذا، ولأن العادة محكمة.
وطاعة الزوج حكم بها الله وشرعها بالنص؛ لقوله تعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) (النساء: 34)، ومن طاعته خدمته بالمعروف، ومنها إذنه في الخروج والقيام على بيته وحفظه وماله وولده بلا مضارة، وإلا فلا معنى للأمر بالطاعة إن لم تفعل ذلك بالمعروف، ونصوص السنن في هذا كثيرة.

يجب في النكاح رضى المرأة وأهلها:
ويجب في النكاح رضى أهل المرأة لقوله تعالى (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) (النساء: 25).
وإذنهم رضاهم، فالرضا من الأهل واجب؛ لأنه مأمور به في الآية على سبيل الشرط، فيكون المعنى «إذا أذن أهلهن فانكحوهن» كقولك لمن استأذن في استعارة شيء: خذ بإذن فلان، أي إذا أذن لك فخذه، فهذا شرط، وكقول الفقهاء يجاهد الابن بإذن والديه، أي إذا أذنا جاهد وإلا فلا.
فإن امتنع الأهل من الرضى فلا نكاح.
لكن إن وصل عدم الرضى إلى التعنت في منع المرأة من الزواج فهو عضل محرم (فَلاَ
¬_________
(¬1) - أخرجه البخاري برقم 4795 عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين قالت فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت فقالت يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا قالت فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن.

الصفحة 644