كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

الغلول والاختلاس والتحايل:
واختلاس المال العام، والتحايل عليه تحت أي مسمى من نثريات أو غير ذلك من أكبر المحرمات الشرعية.
ومن الغلول والخيانة رفع تقديرات كاذبة لصرف أموال واعتمادات، أو المبالغة فيها فوق حقيقتها بغية جناية المال.
وقد اجتمع هنا من المعصية الكذب والخيانة والغش والغلول.
ومن الغلول: كتم قيمة المخيط والقلم؛ لحديث «من كتمنا مخيطا فما دونه جاء به غلولا يوم القيامة» (¬1).
ومن الغلول والخيانة صرف أموال عامة للنزهة والسفر والترفيه على كبار الموظفين، مما لا يعود بالنفع على الموازنة العامة ولا المصلحة ويفتح الشهية والشهوة أمام الاختلاس والاختلال، إلا ما اقتضته البرامج المتعلقة بالعمل وضبطت بالعدل وجرى العرف الرسمي في أمثالها من الدول غير الفاسدة إداريا.

محاسبة الموظفين المفسدين:
ومن الكبائر عدم محاسبة المفسدين والمختلسين واستمرار توليتهم والمناكفة عنهم؛ لحديث «من أعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه» (¬2).
ويجب محاسبتهم أمام الجهات المعنية المختصة، وإن اقتضى الأمر حوسب أمام القضاء،
¬_________
(¬1) - هو في صحيح مسلم وسبق تخريجه.
(¬2) - الحديث في مسند أحمد بن حنبل برقم 18151، حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني أبو حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دخل ونحن تسعة وبيننا وسادة من أدم فقال «إنها ستكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد عليّ الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ويعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو وارد عليّ الحوض». قلت: هذا سند صحيح متصل رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين إلا عاصماً العدوي، وقد وثقه النسائي وروى له هو والترمذي كما في تهذيب الكمال وأخرجه كذلك الترمذي من طريق مسعر عن أبي حصين بهذه الطريق، وقال حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه.
قلت: وهذا الحديث رواه عدد كبير من الصحابة وهو من الأحاديث السياسية.

الصفحة 68