كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وتضبط بالمثل العرفي (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: 6).
ويقول سبحانه وتعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) (الإسراء: 26)، وأول حقوقه النفقة على القادر لغير قادر.
وفي النص «لأن يأخذ أحدكم أحبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» (¬1).
وخير ما يأكل الإنسان من عمل يده «وما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده» (¬2).
وقد رعى النبي صلى الله عليه وسلم الغنم (¬3)، ورعاها موسى عليه السلام (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (القصص: 27)؛ فتبين بهذا مشروعية العمل.
وطلب الوظيفة الحكومية والأهلية وسيلة إلى تحصيل الرزق فشرعت.
ويجب طلبها إن لم يكن غيرها تحصيلا لنفقته ونفقة من يعول.
وعند التقدم للوظيفة يساوى بين المتقدمين في النظر إلى توفر الشروط؛ لأن هذا من العدل المأمور به (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: 90).
ولا مانع عند تساوي المتقدمين في الكفاءة والمؤهلات والخبرات أن يقدم ذو فاقة وحاجة؛
¬_________
(¬1) - حديث «لأن يأخذ أحدكم أحبله» أخرجه البخاري برقم 2075 من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لأن يأخذ أحدكم أحبله خير له من أن يسأل الناس». وهو كذلك عنده برقم 2074 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه، أو يمنعه».
(¬2) - قولنا «ما أكل أحد ... » هو من حديث أخرجه البخاري برقم 2072 عن المقدام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده».
(¬3) - قولنا «وقد رعى النبي صلى الله عليه وسلم الغنم» ورد فيه ما أخرجه البخاري برقم 2262 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت. فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة».

الصفحة 71