كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

الفقه الطبي
مهنة الطب: فرض كفاية، وما لا يقوم فرض الكفاية إلا به فهو فرض مثله؛ لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد (¬1)، كبناء الجامعات الطبية المتخصصة عالية التقنية، وتأهيل الأطباء بتخصصات فائقة، وتوفير مجالات البحث ومراكزه، والدراسات العليا.
والطب تتعلق به من المقاصد الستة للشريعة: حفظ النفس والنسل.
وعلى المريض التوبة النصوح فإنه في أشد الأوقات حاجة إلى الله ويُذكَّر بالله والتخلص من الذنوب، وهذا على الطبيب وغيره.
ويجب على الطبيب أمر من يمرضه بالصلاة والصيام إن رآه قصر؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى، ولأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن التناصح (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر: 3).
ولا يجوز لطبيب أن يأمر المريض بترك الصلاة أو ركن منها، أو ترك الصيام. بل يشخص الحالة طبياً ويعرض المسألة فقهياً على عالم يفتي في ذلك؛ لقوله تعالى (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: 36)، ولقوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: 7).
وأمراض النساء يجب أن تختص بها النساء في الأصل، دفعا لمفسدة كشف العورات للرجال الأجانب وإقامة لفرض الكفاية.
وتخصص له أخصائيات؛ لأن المرأة عرض، ويحرم كشف عوراتها إلا لزوج لا لغيره، ولو كان أخا أو محرما.
ولا يجوز في الحالات الجارية مجرى العاديات أن يولد المرأة إلا امرأة، ويحسن خبيرة، أو طبيبة نساء وتوليد، وللزوج توليد زوجته، ولا يجوز للرجل الأجنبي ذلك ولو كان طبيبا إلا للضرورة ولا ضرورة اليوم في ذلك؛ لكثرة طبيبات النساء، فإن تعذر ذلك وتضررت المرأة في الولادة لعسر ولادتها، ولا توجد طبيبة، أو توجد ولا يسمح زمن بالذهاب إليها فيذهب
¬_________
(¬1) - تقدمت.

الصفحة 90