كتاب المقدمة في فقه العصر (اسم الجزء: 1)

وأجاز بعض العلماء ذلك، فيجوز العمل بهذه الفتوى عند غلبة السلامة، بخلاف ما لو كانت الكلية الأخرى مشارفة على التلف، أو احتمال مشارفتها احتمالا غالبا بقول أطباء عدول فيحرم -حينئذ- إن تبرع بالأخرى (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) (النساء: 29)، (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَا) (البقرة: 195).
وما ليس فيه خطر على الحياة من الأعضاء الزوجية، كالعين مثلا فيحتمل الجواز؛ لأنه نوع إحسان (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195).
وأما ما لا يضر أصلا كالدم ونحوه فإنه جائز؛ ويجب لإنقاذ حياة آخر (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: 32).
وأما الأعضاء التناسلية والخصى والمبايض، فالراجح لدى المجامع الفقهية الحرمة؛ لأنه يعارض مقاصد الشريعة من حفظ العرض والنسل؛ لأن زراعة ذلك هو: إنتاج لنفس نسل
¬_________
= ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة.
ثالثا: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.
رابعا: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.
خامسا: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها كنقل قرنية العين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءا من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة.
سادسا: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك. بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.
سابعا: وينبغي ملاحظة: أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بأن لا يتم ذلك بواسطة بيع العضو. إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما.
أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريما، فمحل اجتهاد ونظر.
ثامنا: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة، مما يدخل في أصل الموضوع، فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة، على ضوء المعطيات الطبية والأحكام الشرعية.
والله أعلم.

الصفحة 98