كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

ورددنا أمره إلى الكتاب والسنة فوجدناه مخالفا لهما، وليس الدين إلا كتاب الله- سبحانه-، وسنة رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، والخارج عنهما المخالف لهما ضال مضل. ولا يقدح على هؤلاء الأولياء وجود من هو هكذا، فإنه ليس معدودا منهم، ولا سالكا طريقتهم، ولا مهتديا هديهم. فاعرف هذا فإن القدح في قوم. بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع لا يقع إلا ممن لا يعرف الشرع، ولا يهتدي هديه، ولا يبصر بنوره.
وعلى ذكرنا لحديث: " اتقوا فراسة المؤمن " فذكر قصة متعلقة به ذكرها من يوثق بنقله من أهل التاريخ، وهي أن الجنيد (¬1) - رحمه الله- أذن له شيخه أن يتكلم على الناس في جامع البلد الذي هو فيه بعد صلاة الفجر فاعتذر له بأنه غير فصيح العبارة، وغير صالح لذلك فقال: لا عذر من ذلك. وكان هذا دائرا بينه وبينه في الليل، ولم يكن عندهما أحد، ولا خرج واحد منهما، فوقع التحدث في ذلك البلد بأن الجنيد قد أذن له شيخه أن يتكلم على الناس بعد صلاة الفجر في الجامع، وارتجت المدينة هذا الخبر، فلم
¬_________
(¬1) الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغداي القواريري، والده الخزار.
هو شيخ الصوفية ولد سنة نيف وعشرين ومئتين وتفقه على أبي ثور وصحب الحارث المحاسبي.
انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 66 - 70)، الحلية لأبي نعيم (10/ 255 - 287)، صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 416 - 424 رقم 296).

الصفحة 1052