كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

نعيم (¬1)، وصفوة الصفوة لابن الجوزي. فإنهما تحريا ما صح، وأودعا كتابيهما من مناقب الأولياء المروية بالأسانيد الصحيحة ما يحدث بعضه بصنيع من يقف عليه إلى طريقتهم، والإقتداء بهم. وأقل الأحوال أن يعرف مقادير أولياء الله، وصالحي عباده، ويعلم أفم القوم الذين لا يشقى جليسهم، ولا يغبن من يأتى بهم، ويمشط على طريقتهم، فإن ذلك منه. بمجرده منزع من منازع الخير، ومهتع من مهاتع الرشد. وقد صح عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: " أنت مع من أحببت " (¬2) فمحبة
¬_________
(¬1) قال ابن تيمية في " الرد على البكري " (1/ 78): وأبو نعيم يروى في الحلية في فضائل الصحابي، وفي الزهد أحاديث غرائب يعلم أنها موضوعة وكذلك الخطب وابن الجوزي وابن عساكر وابن ناصر وأمثالهم.
وقال ابن تيمية في " منهاج السنة " (7/ 34): وما يرويه أبو نعيم في الحلية أو في فضائل الخلفاء ....
فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يرويه كثيرا من الكذب الموضوع.
وقال الذهبي في الميزان (1/ 111) في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني " قال الخطيب: رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أنه يطلق في الإجازة أخبرنا- ولا يبين. قلت: هذا مذهب رآه أبو نعيم وغيره وهو ضرب من التدليس. وكلام ابن مندة ني أبي نعيم فظيع لا أحب حكايته، ولا أقبل قول
كل منهما في الآخر. بل " عندي مقبولان، ولا أعلم لهما ذنبا أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها ".
وانظر: لسان الميزان (1/ 201 - 202).
(¬2) أخرج البخاري في صحيحة رقم (6171) ومسلم رقم (164/ 2639) من حديث أنس " أن رجلا سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: " ما أعددت!؟ " قال: ما أعددت لها من كثر صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فأنت مع من أحببت".
وفي رواية للبخاري رقم (6167) قلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم. ففرحنا يومئذ بذلك فرحا شديدا".
وفي رواية لمسلم رقم (163/ 2639) قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قوله: أنت مع من أحببت ".

الصفحة 1054